للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأخذ برواية من لم يختلف عليه أولى.

أو نقول: إذا تعارضت روايتا فعله كما مَرَّ بنا، أو نقول: إذا تعارض القول والفعل قدم القول.

وقد قال: ما ذكرنا على أنه يلزم الشافعي أن يكون ما ذكرنا فرضاً عنده؛ لأنه استدل على افتراض الفاتحة في كل ركعةٍ بقوله - صلى الله عليه وسلم - للمسيء صلاته، وافعل ذلك في صلاتك كلّها، ومرجع الإشارة ما تقدم لتعليمه إيّاه له، وبما علمه ما ذكرناه، ويلزمه الجواب عن مذهب أحمد، فإنه يقول: حديث وائل وعائشة يقضيان على كل تشهّدٍ بالافتراش، إلاّ ما خرج عنه بحديث أبي حميد. وحديث أبي حميد في تشهّدٍ ثانٍ على ما تقدم. فبقي فيما عداه على قصّة الأصل.

قال ابن قريعة (١): فإن قالوا هذا من تطويله. فيتورك كالثاني.

قيل لهم: هذا ليس بتشهّدٍ ثانٍ، فلا يتورك فيه كالأوّل، وهذا لأن التشهد


(١) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (١٦/ ٣٢٦): القاضي أبو بكر، محمد بن عبد الرحمن البغدادي الظريف، قاضي السندية، كان مزّاحا خفيف الروح، أديباً فاضلاً، ذكياً، سريع الجواب، أخذ عن أبي بكر بن الأنباري، وغيره. وقريعة - بقاف - قيّده ابن ماكولا، وكان ملازماً للوزير المهلبي في مجالس اللهو، وله أجوبة بليغة مسكتة، كان الوزير يغري به الرؤساء فيباسطونه، كتب له رئيس: ما يقول القاضي في يهودي زنى بنصرانية، فولدت ابناً جسمه للبشر ووجهه للبقر؟ فأجاب: هذا من أعدل الشهود على الخبثاء اليهود، أشربوا العجل في صدورهم حتى خرج من أيورهم فلينط برأس اليهودي رأس العجل، ويصلب على عنق النصرانية الرأس والرجل، ويسحبا على الأرض، وينادى عليهما: ظلمات بعضها فوق بعض، مات سنة سبع وستين وثلاث مئة.

<<  <   >  >>