للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب العارضة (١): مَنْ صامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أيّامٍ منْ شَوَّالَ بعدَ الْفِطْرِ، لَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ. قَطْعاً بِالْقُرآنِ. {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠]، شهرٌ بعشرة، وستّة أيّامٍ بشهرين فهذا صوم الدّهرِ.

وفي هذا سؤالان مشهوران:

أحدهما: عند الإمام الطّحاوي في (٢) كتاب. . . . . . . . . . . . . . . .


(١) قال ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ١٤١ - ١٤٢): كره علماء الذين أن تصام الأيّام السّتة الّتي قال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيها: "من صام رمضان وستاً من شوّالٍ، فكأنّما صام الدّهر كلّه" متّصلةً برمضان، مخافة أن يعتقد أهل الجهالة أنّها من رمضان، ورأوا أنّ صومها من ذي القعدة إلى شعبان أفضل؛ لأنّ المقصود منها حاصلٌ بتضعيف الحسنة بعشرة أمثالها متى فعلت؛ بل صومها في الأشهر الحرم وفي شعبان أفضل، ومن اعتقد أنّ صومها مخصوصٌ بثاني يوم العيد فهو مبتدعٌ سالكٌ سنن أهل الكتاب في الزّيادات، داخلٌ في وعيد الشّرع حيث قال: "لتركبن سنن من كان قبلكم. . . الحديث".
وقال (٤/ ١٥): رأى قومٌ من أهل الجفاء أن يصوموا ثاني عيد الفطر ستّة أيّامٍ متوالياتٍ إتماماً لرمضان، لما روي في الحديث: "من صام رمضان وستّاَ من شوّالٍ فكأنّما صام الدّهر". خرّجه مسلمٌ. وهذه الأيّام متى صيمت متّصلةً كان احتذاءً لفعل النّصارى، والنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يرد هذا، إنّما أراد أن من صام رمضان فهو بعشرة أشهرٍ، ومن صام ستة أيّامٍ فهي بشهرين، وذلك الدّهر. ولو كانت من غير شوّالٍ لكان الحكم فيها كذلك، وإنّما أشار النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذكر شوّالٍ لا على طريق التّعيين؛ لوجوب مساواة غيرها لها في ذلك؛ وإنمّا ذكر شوَّال على معنى التمثيل، وهذا من بديع النّظر فاعلموه.
(٢) تحرف في المخطوط إلى: (وفي).

<<  <   >  >>