قال الولوالجي (١): لأنهّ أقام أكثر مقام الكل، وأكثر الشيء أقيم مقام الكل في كثيرٍ من المواضع والأحكام، فهذا إذا أقام كان اجتهاداً في محّله، فينفذ قضاؤه حتى لو التعن مرتين، ففرّق القاضي بينهما، فتفريقه باطلٌ؛ لأنه قضى بالاجتهاد في غير محلّه، فإنَّه أقام الأقل مقام الكل، وهذا مما لا نظير له في الأصول. انتهى.
قلت: فنفاد قضائه ليس لعدم العلم، وإنما هو لرأيٍ صحيحٍ حصل له في المسألة.
فلهذا قال الولوالجي هنا: فدلّت المسألة على أن القاضي متى قضى في محلَّ سوغّ فيه الاجتهاد كان لم يعلم هو أنه قضى في محل الاجتهاد وقصده المتفق عليه في هذه المسألة هو: أنّ الشهادة شهادة الأحرار.
وقوله: فوافقَ قضاؤه. المحل المختلف ليس هو محل قصده المتفق عليه، وهو الاتفاق والاختلاف في شهادة العبيد، وإنما هو محل اختلاف من جهةٍ أخرى. وليس للمجتهد قول في عين المسألة قبل هذا الحكم، فلم يكن ضده مقابلة المسألة الأولى. وفي هذه كلامٌ، وهو: أنّ محل الاجتهاد هل يشترط أن يكون وقع فيه خلاف أو أنّه قابل للخلاف. فقال في الأحكام: بما
(١) قال المصنف في تاج التراجم (ص ١٢): عبد الرشيد بن أبي حنفية بن عبد الرزاق بن عبد الله الولوالجي، أبو الفتح، من ولوالج [تحرف في المطبوع إلى: والوالج]، بلدة من طخارستان، سكن سمرقند، إمام فاضل، حسن السيرة، وتفقه على جماعة، وكتب الأمالي، وولد في جمادى الأول سنة سبع وستين وأربع مئة، ومات بعد الأربعين وخمس مئة. قلت [أي: ابن قطلوبغا]: وذكره الذهبي في هذه الطبقة من الذين لم تعرف وفاتهم.