أن يجوّز الإجارة في النصف الثاني من الوجه الأوَّل وهو ما إذا أجّر أحد الشريكين نصيبه من الأجنبي.
وقد قلت: إنه لا يجوز على الأوّل وهو إرادة الحكم مع الشيوع.
قيل له: نعم. وقد عجز الأجر عن تسليم هذا النصف إلى المستأجر متصورٍ بأسبابٍ، فإذا كان المحل يتصوّر فيه عجز آخر، عن التسليم. دار الحكم مع الشيوع في محلٍّ يتصور هذا المانع.
وأبو حنيفة سوَّى بين الهبة والإجارة على الوجه الأوّل في الإجارة وهو إدارة الحكم مع الشيوع. وفرّق على الوجه الثاني.
والفرق: أن الشيوعَ في الهبة سبب لذلك المعنى المانع؛ لأن تمليك الشائع سببٌ لثبوت الملك في الشائع. والملك في الشائع سبب المطالبة بالقسمة. فكان تمليك الشائع سبباً لذلك المعنى. والمعنى يدور مع السبب كما دارت الرخصة في السفر.
فأمَّا الشيوع في الإجارة: فإنه ليس بسبب المعنى، لكن قد يتحقق ذلك المعنى المانع وقد لا، فلا يدور الحكم في الشيوع، ثم الطريق في الهبة عند أبي يوسف ومحمد: أن الشيوع المتمكن في العقد وقت التسليم مانعٌ. فإذا وهب الكل من رجلين وسلم إليهما، لم يتمكن الشيوع في العقد وقت القبض، فجاز عندهما. وكذا إذ فصّل بالتنصيف؛ لأن التفصيل بالتنصيف في العقد لم يصح؛ لأنه لو صحّ إنما صحّ لفائدةٍ. وفائدة العقد: الحكم. وحكم هذا العقد حال الإجمال والتفصيل بالتنصيف سواء، فلم يفد، فلم يصح، فلم يتمكن الشيوع في العقد وقت التسليم، فلم يجز.