للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا لا يقطع التزكية من كل وجهٍ، فيجب أن يزكيه في العلانية بالإشارة حتى تنقطع التزكية من كل وجهٍ.

ثم المزكي بعد ذلك بين يدي القاضي يشير إلى الشهود فيقول: إنهم عدولٌ؛ لأنّ القاضي إنما عرف تزكية المزكي بالاسم والنسب والحلية. وهذا لا يقطع التزكية من كل وجهٍ.

فيعرف القاضي: أن المزكي إنما عدل أولئك الذين شهدوا عنده من كل وجهٍ، لكن لعدم التزكية في السّر على التزكية في العلانية؛ لأنّه أحوط؛ لأن المزكي إذا سأل عن حال الشاهد في العلانية ربما يكون الشّاهد فاسقًا، فلا يجد من يعرفه إمّا سترًا عليه، وإمّا خوفًا منه. وكذلك: إذا سأل القاضي المزكي عن حال الشهود (١) في العلانية. وللقاضي الخيار: إن شاء جمع بينهما؛ لأنّه أحوط؛ لأنه يزول الالتباس وتنقطع التزكية عنه عند المزكي والقاضي جميعًا من كل وجهٍ. وإن شاء اكتفى بالتزكية سرًا.

واليوم في ديارنا اختار القضاة الاكتفاء بالتزكية سرًّا لأحد الأمرين: إما لكيلا يعرف المزكي فلا يخدع لتغيير أحوال النَّاس ولكيلا يخاف المزكي من جرحٌ الشهود.

قال محمد - رحمه الله - في الكتاب: والتزكية في العلانية هي التزكية الأولى وهو حسنة جميلة يريد به أن المشروع في الابتداء: التزكية العلانية، وإنما أحد توابعه ذلك التزكية سرًا.

والدليل عليه: ما ذكر محمد في الكتاب قال: بلغنا أن شريحًا كان يقبل


(١) جاء في هامش المخطوط: (الشاهد).

<<  <   >  >>