= قال الله تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم: ٣]. وحدثنا مكرم بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن محمد بن المغلس قال: سمعت الحماني يقول: سمعت ابن المبارك يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: من كان معه بخيل لم تجز شهادته يحمله البخل على التقصي، فمن شدة تقصيه يخاف الغبن فيأخذ فوق حقه مخافة الغبن، فلا يكون هذا عدلاً. وقد روي نظير ذلك: عن إياس بن معاوية. ذكر ابن لهيعة، عن أبي الأسود محمد ابن عبد الرحمن قال: قلت لإياس بن معاوية: أخبرت أنك لا تجيز شهادة الأشراف بالعراق، ولا البخلاء، ولا التجار الذين يركبون البحر قال: أجل. أما الذين يركبون إلى الهند حتى يغرروا بدينهم، ويكثروا عدوهم من أجل طمع الدنيا، فعرفت أن هؤلاء لو أعطي أحدهما درهمين في شهادة لم يتحرج بعد تغريره بدينه. وأما الذين يتجرون في قرى فارس فإنهم يطعمونهم الربا وهم يعلمون، فأبيت أن أجيز شهادة آكل الربا. وأما الأشراف: فإن الشريف بالعراق إذا نابت أحدًا منهم نائبة أتى إلى سيد قومه فيشهد له ويشفع فكنت أرسلت إلى عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر: أن لا يأتيني بشهادةٍ. وقد روي عن السلف رد شهادة قومٍ ظهر منهم أمورٌ لا يقطع فيها بفسق فاعليها إلَّا أنها تدل على سخفٍ أو مجونٍ فرأوا رد شهادة أمثالهم منه. ما حدثنا عبد الرحمن بن سيما قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا محمود بن خداش قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: أخبرني داود بن حاتم البصري: أن بلال بن أبي بردة وكان على البصرة كان لا يجيز شهادة من يأكل الطين، وينتف لحيته. وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا حماد بن محمد قال: حدثنا شريح قال: حدثنا يحيى ابن سليمان، عن ابن جريج: أن رجلًا كان من أهل مكة شهد عند عمر بن عبد العزيز وكان ينتف عنفقته ويحفي لحيته وحول شاربيه فقال: ما اسمك؟ قال: فلانٌ. قال: بل اسمك ناتف ورد شهادته. وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن سعدٍ قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد، عن الجعد بن ذكوان قال: دعا رجل شاهدًا له عند شريح اسمه ربيعة فقال: يا ربيعة يا ربيعة فلم يجب، فقال: يا ربيعة الكويفر. فأجاب فقال له: قم. وقال لصاحبه: هات غيره. وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل=