على أنهم محدودون في قذفٍ تقبل. كذا لو أقام البينة على أنهم زنوا أو وضعوا أو سرقوا مني. تقبل مع ما يؤدي إلى التهاتر.
فَعُلِمَ: أن هذا الطريق غير سديدٍ.
والثالث وهو السديد: وهو الذي اختاره القاضي الإمام صاعد (١) وهو: أن الشّاهد بالشهادة على الجرح المفرد صار فاسقًا؛ لأنه ارتكب كبيرةً ألحق بفاعله الوعيد في الدنيا والآخرة بنصّ القرآن المعظّم؛ لأنه أظهر الفاحشة من غير ضرورة. وإظهار الفاحشة من غير ضرورةٍ حرامٌ بنصّ القرآن.
قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا}[النور: ١٩] الآية.
فعلمَ: أن الشاهد صار فاسقًا. والمشهود به لا يثبت بشهادة الفاسق. فإن قيل في إظهار الفاحشة ضرورة رفع الخصومة عن المدعى عليه. وصار كما لو أقام البينة على جرحٍ يدخل تحت حكم الحاكم.
قيل له: لا ضرورة منها؛ وإن الضرورة تندفع بأن يقول سرًّا للمدعي
(١) قال المصنف في تاج التراجم (ص ١٠): صاعد بن محمد بن أحمد بن عبد الله، أبو العلاء، عماد الإسلام، قاضي نيسابور الاستواي، تفقه على أبي نصر بن سهل، واختلف في الأدب إلى أبي بكر الخوازمي، له: كتاب الاعتقاد، ذكر فيه عبد الملك ابن أبي الوارث أنه أشار إلى قصرهم العتيق بالبصرة، وقال: وقد خرج من هذه الدار سبعون قاضيًا على مذهب أبي حنيفة، كلهم كانوا يرون إثبات القدر، وأن الله تعالى خلق الخير والشرّ، ويروون ذلك عن أبي حنفية وأبي يوسف ومحمد وزفر وأصحابهم. قال الخطيب: بلغنا أنه مات سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة. وقيل: سنة إحدى وثلاثين. وقال السمعاني: ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.