فلو قضى بالوكالة، ثم دفع الدين، ثم رفع الأمر إلى قاضٍ آخر، فأمضاه وجؤزه، ثم رفع إلى قاضٍ آخر ثالث يرى القضاء الأوّل باطلاً، فإنه يجيز ما أمضاه القاضي الثاني، وليس له أن يبطله.
علل في الكتاب فقال: لأنه أمضى فعلاً مختلفاً فيه.
أشار بذلك إلى أن من الفقهاء من يجيز القضاء بالوكالة، كما يجيز بالوصاية؛ لأنّ الوصيّ كالوكيل بعد الوفاة. والوكيل قبل الوفاة وبعد الوفاة سواء، فإذا أمضى الثاني فقد أجاز قضاءً مختلفاً فيه بعد قضائه، فإذا رفع إلى ثالثٍ ليس له أن يبطله كان لم يكن مختلفاً فيه، فهو في محلّ الاجتهاد ليس بخلافه نصٌّ، ولا إجماعٌ، فينفذ على الكل، ولو كان القاضي الثاني أبطل القضاء الأول، لا يكون لغيره أن يجيزه بعد ذلك؛ لأنه أبطل فصلاً مجتهداً فيه، فينفذ على الكل.
ولو أنه قضى الدين أوّلاً، ثم قضى بالوكالةِ، ثم رفع ذلك إلى قاضٍ آخر وأمضاه ورآه جائزاً، ثم رفع إلى قاضٍ ثالثٍ يرى ذلك باطلاً، فإنه يبطل ذلك كله ويرده؛ لأنّ الثاني أجاز قضاءً باطلاً؛ لأنّ القاضي قضى لنفسه من كلّ وجهٍ، فإنه مجتهدٌ فيه، وأنَّه باطل بالإجماع، فلم يصحّ إمضاؤه.
فأمّا في الفصل الأوّل: لم يكن القضاء لنفسه من كل وجهٍ، فإنه مجتهدٌ فيه كالثاني أمضى قضاءً مجتهداً فيه. انتهى بتحرير التحرير على الجامع الكبير.
وفي الخانية: القاضي إذا قضى بأقضيةٍ يختلف فيها الناس، أو قضى لرجلٍ على رجلٍ بحقٍّ وأشهد على قضائه شهوداً ولم يبين بأيّ وجهٍ قضى، ثم رفع ذلك إلى قاضٍ آخر فقال: اشهدوا أني قد أبطلت ما قضى فلان بن فلانٍ القاضي على فلانٍ بن فلان، ونقضت قضاءه للأمر. تحقق عندي إبطاله وقال: