وأكثر المشايخ في مسألة الطلاق: على قول محمّد. هذا كما لو ادّعى رجل على رجلٍ أنّه وكيلُ فلانٍ الغائب في جميع حقوقه وخصوماته مع الناس. وللغائب على المدّعى عليه كذا. وأقام البينة على ذلك، وقضى القاضي بالوكالة العامة؛ فإنه لا يحتاج إلى إثبات الوكالة على غريمٍ آخرَ.
رجلٌ قال لامرأةٍ: إذا تزوّجتك فأنت طالق فتزوّجها وطلّقها ثلاثاً، ثم أنّها رفعت الأمر إلى القاضي ليفسخ اليمين، فإنّ القاضي لا يفسخ؛ لأنّه لو فسخ تطلقُ ثلاثاً بالتنجيز بعد النكاح فلا يفيد.
فلو أنّ أجنبيًّا علق الطلاق بالتزويج فتزوّج امرأةً فلم يرفع الأمر إلى القاضي، لكن سأل شفعويًّا فأفتاهُ بعدم الوقوع. لا ينبغي للحالف أن يأخذ بفتواه، ويترك مذهبه؛ لأنّ عليه الأخذ بقول علمائه لا بقول أصحاب الشّافعي وفتواهم لا يكون حجّة في حقّه.
ولو أنّ المرأة مع الرّجل حكّما رجلاً ليحكم بينهما في هذه الحادثة إن كان المحكم حنفيًّا لا ينفذ حكمه.
وإن كان شافعيًّا: اختلفوا فيه.
قال بعضهم: لا ينفذ حكمه؛ لأنّ حكمه بمنزلة الفتوى. والصّحيح: أن ينفذ حكمه عليهما. هكذا ذكره شمس الأئمة الحلواني.
إن حكم المحكّم في المجتهدات نحو الكنايات والطلاق المضاف، وغير ذلك نافذ ليس لأحدهما أن يرجع عن حكمه بعد ذلك.
قال - رحمه الله -: وهذا مما يعرف ولا يفتى به كيلا يتجاسر إليه العامّة؛ ولأجل ذلك امتنع المشايخ عن الفتوى في جواز حكم المحكم.