هل المراد: لا أجر له قياسًا واستحسانًا أو قياسًا لا استحسانًا، كما هو الحكم فيمن استأجر حانوتًا فأسكن فيه حدّادًا بغير إذن مالكه، ثم ردّه إليه غير منهدمٍ؛ لأنه لا يلزم الأجر قياسًا. ويلزمه استحسانًا، كما صرّح به في معراج الدّراية وغيرها، على أنّهم قاسوا مسألة المسافرة بالعبد على مسألة إسكان الحداد، فهل سكتوا في مسألة المسافرة عن القياس والاستحسان اعتمادًا على ما قد مرّ في مسألة الحداد وبين المسألتين فرق في وجوب الأجر وعدمه، فإن كان بينهما فرق فبيّنوه للسائلين رضي الله عنكم؟.
فأجاب:
الحمدُ لله ربّ العالمين.
اعلم: أن القياس والاستحسان إنما يجريان في بعض المسائل كمسألة الدّار دون مسألة بعض كمسألة العبد. فلا يقال له فيها: لا أجر له قياسًا واستحسانًا، ولا قياسًا فقط؛ لأنّهما مما لا يتأتّى فيها ذلك، ولم يقس علماؤنا مسألة المسافرة بالعبد على مسألة إسكان الحداد، وإنما وقع لبعض المصنفين تشبيهها بها في أنه لا يجوز ما لم يسأله الإطلاق إلّا بالشرط. وإنّما افترق الجوابان؛ لأنّ المعقود عليه في مسألة الدّار السُّكنى، وفي الحدادة السّكنى وزيادة، فقد استوفى المعقود عليه وزيادة، وسَلِمت العين من الزيادة، فوجب الأجر وسقط الضمان، وخدمة الحضر والسفر في حكم جنسين مختلفين فقد استوفى خلاف ما وقع عليه العقد، فلا أجر. وقد سلّمت العين بما استوفى، فسقط الضّمان. والله تعالى أعلم.