وصريح عبارتهم. إذ هو أولى من إبطال أحدهما على أنّه لو ذهب ذاهبٌ إلى قيام التعارض مع عدم تأتي الجمع بينهما كما ذكرنا لقذم عدم الجواز على الإشارة وهي هنا الجواز، وخصوصًا في هذه المسألة، فإنّ العبادة على وقف يقتضي الدليل الشرعي بخلاف الإجازة.
ثم مما أوضحناه من النّص والقاعدة عرف أنه لا يقال: لم لا يجوز البقاء نظرًا إلى ما يؤول إليه غرسها من انتفاع المسجد بثمرتها وإن كان الابتداء غير جائزٍ؟ مع أنّ هذا في نفسه كلامٌ فاسد الاعتبار كما يعرفه من يعرف الأصول.
فإنّ من المعلوم: أنّ المسجد ما وضع للاستغلال وإن فعل هذا منافٍ لوصفه شرعًا على أنّه غير خافٍ بقليل تأمّل إن فتح هذا الباب قد يؤدي إلى استغراق المسجد أو أكثره بالغرس بواسطة كثرة نوادر الغارسين فيه فيؤدي إبقاء ذلك فيه إلى جعله بستانًا ونحوه.
وما أظنّ أنّ أحدًا من أئمة الدين يقول به، ثم يلزم تعيّن هذا أنّه إذا بنى بانٍ في المسجد للمسجد ما يستغل منه من نحو دكانٍ أنّه يبقى فيه لهذا القصد، وأنّه إذا شغل شاغل بقعة منه بأمتعةٍ ونحوها أنّه يبقى ذلك بأجرة مثلها، فإنّ كلًّا من هذه الأمور لا يجوز إحداثه ابتداءً، وجث جاز البقاء في الأوّل للانتفاع بالثّمرة يجوز في هذين للانتفاع بالغلّة إذ المشاركة في الغلّة توجب المشاركة في الحكم بل يكون الجواب في هذين بطريق الأولى، فإنّ الثمرة موهمة الحصول في الشجرة بعد حين، فإنّ كثيرًا من الأشجار، لا يخرج الثمرة المعتبرة. وكثيرٌ منها: إن أخرجها لا يخرجها إلّا بعد سنين، ثم بعد ذلك قد تطرأ فيها آفةٌ من الآفات فيدخل هذا الوهم البعيد في حكم الفوات بخلاف هذين وخصوصًا الثاني منهما. وثبوت هذا الحكم فيها لا يقول به عاقلٌ مشرّعٌّ.