للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: ليس فيه تصريحٌ بتنجس الماء بتقدير كون اليد نجسة، بل ذلك تعليل منّا للنهي المذكور، وهو غير لازم، أعني: تعليله بتنجس الماء عينًا بتقدير نجاستها بجواز كونه أعم من النجاسة والكراهة. فنقول: نهى لتنجس الماء بتقدير كونها متنجسة بما يغيّر، والكراهة بتقدير كونها بما لا يغير. انتهى.


= عن ابن أبي عمران عن أبي عبد الله محمد بن شجاع الثّلجي بالمثلّثة عن الواقدي قال: كانت بئر بضاعة طريقًا للماء إلى البساتين، وهذا تقوم به الحجة عندنا إذا وثّقنا الواقديّ، أمَّا عند المخالف فلا لتضعيفه إياه مع أنّه أرسل هذا خصوصًا مع ادعائهم أن المشهور من حال بئر بضاعة في الحجاز غير هذا، ثمّ لو تنزّلوا عن هذه الأمور المختلفة كان العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب. والجواب بأن هذا من باب العمل لدفع التعارض لا ينتهض، إذ لا تعارض لأن حاصل النهي عن البول في الماء الدائم تنجس الماء الدائم في الجملة.
وحاصل: الماء طهورٌ لا ينجّسه شيءٌ عدم تنجسٍ إلاّ بالتّغير بحسب ما هو المراد المجمع عليه، ولا تعارض بين مفهومي هاتين القضيتين.
فإن قيل: هنا معارضٌ آخر يوجب العمل المذكور وهو حديث المستيقظ من منامه وقد خرّجناه.
قلنا: ليس فيه تصريح بتنجّس الماء بتقدير كون اليد نجسةً، بل ذلك تعليلٌ منّا للنّهي المذكور وهو غير لازمٍ: أعني تعليله بتنجس الماء عينًا بتقدير نجاستها لجواز كونه الأعمّ من النّجاسة والكراهة فنقول: نهى لتنجس الماء بتقدير كونها متنجّسةً بما يغيّر أو الكراهة بتقدير كونها بما لا يغيّر، وأين هو من ذلك الصّريح الصّحيح لكن يمكن إثبات المعارض بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه. . . الحديث"، فإنّه يقتضي نجاسة الماء ولا تغيّر بالولوغ فتعين ذلك الحمل، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وانظر البحر الرائق شرح كنوز الدقائق (١/ ٣٠٤).

<<  <   >  >>