للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت ثم مَضَى حتى إذا كنا بالشجرة أَدْرَكَهُ الرجل، فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما قال أول مرة، قال: (فارجع فلن أستعين بمشرك)، قال ثم رجع فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فقال له كما قال أول مرة، (تؤمن باللَّه ورسوله؟) قال: نعم، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فَانْطَلِقْ) (١).

عن أبي حميد الساعدي -رضي اللَّه عنه- (٢) قال: خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أحُدٍ حتى إذا خَلَّفَ ثنَّيةَ الوَداع نظر خلفه فإذا كتيبة حسناء، قال: (من هؤلاء؟) قالوا: بنو قينقاع وهو رهط عبد اللَّه بن سلام، قال: (وأسلموا!) قالوا: لا، بل هم على دينهم، قال: (قل لهم فليرجعوا، فإنا لا نستعين بالمشركين) (٣).

القول الثاني: جواز الاستعانة بالكفار في القتال بشروط، وهو قول الحنفية والشافعية والحنابلة، وحمل أصحاب هذا القول الآيات التي استدل جمها أصحاب القول الأول بأن المراد بها عدم جواز الاستعانة بالكفار إذ كانوا متى غلبوا لهم الغلبة والظهور وكان حكم الكفر هو الغالب، أما إذا كانوا متى غلبوا كان حكم الإسلام هو الجاري عليهم دون حكم الكفر فتجوز الاستعانة (٤).


(١) أخرجه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر، رقم: ١٨١٧.
(٢) أبو حميد الساعدي الخزرجي الأنصاري الصحابي المشهور اسمه عبد الرحمن بن سعد، ويقال: عبد الرحمن ابن عمرو بن سعد، وقيل: المنذر بن سعد بن المنذر، ويقال إنه عم سهل بن سعد، شهد أحدا وما بعده، روى عنه من الصحابة جابر بن عبد اللَّه، توفي في آخر خلافة معاوية أو أول خلافة يزيد بن معاوية، انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ٧/ ٩٤، والاستيعاب في معرفة الأصحاب، ٤/ ١٦٣٣.
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك، ٢/ ١٣٣، رقم: ٢٥٦٤، وابن أبي شيبة في المصنف، ٦/ ٤٨٧، وفي آخر: "فإنا لا نستعين بالكفار على المشركين"، وقال ابن حجر رحمه اللَّه: "هذا إسناد حسن"، المطالب العالية، ١٧/ ٣٥٦.
(٤) انظر: أحكام القرآن للجصاص، ٣/ ٢٧٦.

<<  <   >  >>