للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩ - ومن المعقول أن بيع الأراضي للاحتلال قد يؤدي إلى تحول الدار من دار إسلام إلى دار حرب مع مرور السنين، وقد منع الفقهاء المسلم في حال قدرته على الامتناع في دار الحرب أن يهاجر منها لئلا يصير موضعه دار حرب، قال النووي رحمه اللَّه: "إن قدر -أي: المسلم- على الامتناع في دار الحرب والاعتزال، وجب عليه المقام بها؛ لأن موضعه دار إسلام، فلو هاجر لصار دار حرب، فيحرم ذلك" (١)، وبالتالي فإن بيع الأرض للكافر المحارب أشد حرمة وضررًا؛ "لأن حفظ الموجود أولى من تحصيل المفقود، ودفع الضرر أولى من جلب النفع" (٢).

١٠ - إن من أركان الدولة الأساسية في النظم الوضعية المعاصرة هي: السكان (الشعب)، الأرض، السلطة الحاكمة (٣)، فإن تم بيع الأرض للمحتل تبعه مع مرور الوقت خروج السكان، لاسيما مع فرض الاحتلال للقوانين التي ترتبط بتملك الأرض والعقار، واستغلاله للقوانين والأنظمة حتى إذا تمكن من الأرض وضيق على السكان وأخرجهم، تذرع بالاستفتاء أو الانتخابات ونحوها من الأنظمة لاكتساب القانونية وإضفاء الشرعية على وجوده.

١١ - ذهب الحنابلة إلى عدم جواز الشفعة للذمي على المسلم خلافًا للجمهور (٤)، واستدلوا لهذا المنع بأن الشفعة من حقوق المسلمين بعضهم على بعض فلا حق للذمي


(١) روضة الطالبين، ١٠/ ٢٨٢.
(٢) انظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ١/ ٨١.
(٣) انظر: مبادىء القانون الدولي العام، محمد حافظ غانم، مطبعة النهضة الجديدة: القاهرة، ط ١، ١٩٦٧ م، ص ١٤٦، ومعالم الدولة الإسلامية، محمد سلام مدكور، مكتبة الفلاح: الكويت، ط ١، ١٩٨٣ م، ص ٥٧، والدولة الإسلامية المعاصرة الفكرة والتطبيق، جمال الدين محمد محمود، دار الكتاب المصري: القاهرة، ودار الكتاب اللبناني: بيروت، ط ١، ١٤١٣ هـ، ص ١٩.
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي، ١٤/ ٩٣، والأم، ٤/ ٢١٣، ومواهب الجليل، ٥/ ٣١١.

<<  <   >  >>