للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (١)، وفي الآية الأخرى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (٢)، فالأحكام في الدنيا والآخرة مرتبة على ما كسبه القلب وعقد عليه وأراده من معنى كلامه" (٣).

وإن كانت قصة النجاشي ونُعيم -رضي اللَّه عنهما- تدلان على جواز كتمان الإيمان وشعائره من أجل مصلحة المسلمين، إلا أن قصة الحجاج بن علاط دلت على جواز كتمان الإيمان بل والنيل من الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقول مع اطمئنان القلب بالإيمان، لمصلحة حفظ مال فرد من المسلمين، وقد بوب ابن حبان رحمه اللَّه (٤) لهذا الخبر بقوله: "ما يستحب للإمام بذل عرضه لرعيته، إذا كان في ذلك صلاح أحوالهم في الدين والدنيا وأما الإمام النسائي فقد بوب له بقوله: "الرجل يكون له المال عند المشركين فيقول شيئًا يخرج به ماله"، وقصة الحجاج -رضي اللَّه عنه- دلت على جواز كتمان الإيمان وشعائره سواءً من الحجاج أو من العباس -رضي اللَّه عنهما-، وعلى جواز الحيلة، والمدارة، وجواز دخول دار الحرب لمن كان له مصلحة في ذلك بل والإقامة فيها.


(١) سورة المائدة، من الآية [٨٩].
(٢) سورة البقرة، من الآية [٢٢٥].
(٣) إعلام الموقعين، ٤/ ٣٢٢.
(٤) محمد بن حبان بن أحمد بن حبان التميمي، أَبو حاتم البستي الشافعي، ويقال له ابن حبان ولد سنة ٢٧٠ هـ في بست (من بلاد سجستان)، مؤرخ، علامة، جغرافي، محدث، فقيه، لغوي، طبيب، رحل إلى خراسان والشام ومصر والعراق والجزيرة، وتولى قضاء سمرقند مدة، ثم عاد إلى نيسابور، ومنها إلى بلده، حيث توفي في سنة ٩٦٥ هـ، من مؤلفاته رحمه اللَّه: المسند الصحيح في الحديث، يقال: إنه أصح من سنن ابن ماجه، كان قد جمع مؤلفاته في دار في بلدته (بست) ووقفها ليطالعها الناس، وقرىء عليه أكثرها، انظر: الأعلام، ٦/ ٧٨، ومعجم المؤلفين، ٩/ ١٧٣.

<<  <   >  >>