للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومحاكمهم وغيرها من الأمور (١) - إلا أن ما جرى من غدر وبطش وإجرام لاحقًا جعلهم يعيشون في حالة الاستضعاف الكلي، وسرعان ما صدر الأمر بإحراق مليون وخمسمائة ألف كتاب ديني، وتم أخذ الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من ٥ - ١٢ سنة لتربيتهم بالمعاهد والنصرانية والكنائس، ليكونوا أداة تجسس على أهلهم، وأخذ بعضهم للعمل والخدمة في الكنائس، حتى وصل الأمر بأن فرض على المسلمين أن يتنصروا بالتعذيب ومحاكم التفتيش أو الإغراء، وخلال المدة من ١٤٩٩ - ١٥٠١ م تم تنصير أكثر من خمسين ألف مسلم بغرناطة، ومع هذا ثبت القوم وتمسكوا بدينهم إن لم يتمكنوا من ذلك في العلن ففي السر، وعرفوا في المجتمع المسيحي باسم "المورسِكيُّين"، و"المورسكي" (KI Morisco) تصغير لكلمة "المورو" (El Moro) يعني المسلم الصغير الحقير، وساهمت المرأة المسلمة بدور كبير في نقل تعاليم الإسلام للأطفال من السن الثالثة عشر خشية زلة اللسان، ومر هذا الشعب بمراحل مختلفة حتى تقرر القضاء عليه وإخراجه إخراجًا كاملًا من الأندلس في المدة من ١٦٠٩ - ١٦١٤ م بعد انتهاء الحكم الإسلامي بنحو مائة وعشرين سنة (٢).


(١) للاطلاع على بنود المعاهدة، انظر: التنصير القسري لمسلمي الأندلس في عهد الملكين الكاثوليكيين، د. محمد حتامله، عمان: الجامعة الأردنية، ط ١، ١٤٠٥ هـ، ص ٣٠ - ٣٨، وموقف الدولة العثمانية تجاه مأساة المسلمين في الأندلس، ص ٢٣ - ٢٤.
(٢) انظر: المسلمون المنصرون (المورسِكيُّون الأندلسيون)، د. عبد اللَّه جمال الدين، القاهرة: دار الصحوة، ط ١، ١٩٩١ م، ص ٣ - ١١، وجهود العثمانيين لإنقاذ الأندلس واسترداده في مطلع العمر الحديث، د. نبيل رضوان، مكة المكرمة: مكتبة الطالب الجامعي، ط ١، ١٤٠٨ هـ، ص ٦٥ - ٨٥، والتنصير القسري لمسلمي الأندلس، ص ٦٠ - ١١٢. ويمكن القول بأن هجرة المسلمين من الأندلس مرت بمراحل، المرحلة الأولى: الهجرات الاختيارية: والتي كانت سنة ٦٣٣ هـ مع سقوط قرطبة، وتلتها سنة ٦٤٦ هـ مع سقوط أشبيلية، ثم كانت سنة ٨٩٨ هـ مع سقوط غرناطة، بعد ذلك قامت حركة تمرد على الظلم والغدر الصليبي في حي "البيازين" بغرناطة سنة ٩٠٥ هـ، والذي كان يضم أكثر من عشرة آلاف مسلم قضي عليها بالقتل والبطش وفر من استطاع إلى الجبال بمنطقة البشرات جنوب غرناطة تمكنوا في تلك المدة من الاستقلال الجزئي حتى سنة ٩٧٧ هـ، حيث قضي تمامًا على الوجود العلني للمسلمين وتم نفيهم نفيًا كاملًا من الأندلس، وتمت خلال تلك المدة ما يمكننا وصفه بعمليات مقاومة ضد الصليبيين، انظر: التنصير القسري لمسلمي الأندلس، ص ٤١ - ٤٢، وص ٧٥ - ٨٦، والمسلمون المنصرون، ٨١ - ١١٨.

<<  <   >  >>