تستطيع التوغل في القارة إلى مسافات بعيدة نحو الشرق، ويختلف الحال عن ذلك في الأمريكتين، حيث تمتد سلاسل جبال روكي وجبال الإنديز المرتفعة على طول السواحل الغربية للقارتين، ولهذا فإن الأمطار التي تحملها الرياح أو المنخفضات الجوية من ناحية الغرب لا تستطيع أن تتوغل في اليابس إلا إلى مسافات قصيرة جدًّا، فخط المطر السنوي٥٠ سنتيمترًا مثلًا يقع على بعد ٣٠٠ كيلو متر فقط من الساحل، في حين أنه يمتد في أوروبا حتى يصل إلى موسكو وكييف وبوخارست في الداخل، أي إلى مسافة تزيد على ١٦٠٠ كيلو متر من المحيط الأطلسي.
ويسقط على هذه السواحل نوعان من الأمطار، الأول هو أمطار التضاريس التي تسقط طول العام على منحدرات الجبال بسبب الرياح الغربية التي تكون محملة ببخار الماء بسبب مرورها فوق مياه التيارات البحرية الدافئة، التي من أشهرها تيار الخليج من المحيط الأطلسي الشمالي وتيار كوروسيفو في المحيط الهادي الشمالي، والثاني هو الأمطار الإعصارية، التي تسقط بسبب المنخفضات الجوية التي تكثر بصفة خاصة في فصلي الشتاء والخريف، وهذا هو السبب في زيادة الأمطار في هذين الفصلين عنها في الفصلين الآخرين من السنة.
٣- الأقاليم القارية المعتدلة داخل اليابس:
كلما ابتعدنا عن السواحل الغربية نحو الشرق يأخذ النظام القاري في الظهور، وفيه تسقط معظم الأمطار أو كلها في نصف السنة الصيفي، ويكون الانتقال من النظام البحري على السواحل الغربية إلى النظام القاري سريعًا أو تدريجيًّا على حسب التضاريس السائدة، ففي إنجلترا مثلًا رغم صغرها نلاحظ أن النظام القاري يظهر في سهولها الجنوبية الشرقية؛ لأن معظم الأمطار التي تأتي من ناحية الغرب تسقط على مرتفعات ويلز. وكذلك على القارة الأوروبية نفسها تأخذ كمية الأمطار كما يأخذ طول الفصل الممطر في التناقص كلما اتجهنا شرقًا، حتى نصل إلى مناطق لا تسقط فيها إلا كميات