ويعتبر عدم الاستقرار في نظام سقوط الأمطار بهذا الشكل من أهم العوامل التي يتعرض بسببها الإنتاج الزراعي في هذه المناطق إلى أخطار شديدة خصوصًا في المناطق الواقعة بالقرب من حدود الصحراء لأن أقل تغير في كمية الأمطار التي تسقط في هذه المناطق تكون لها آثار خطيرة على الحياة النباتية سواء في ذلك الحشائش الطبيعة أو المحاصيل الزراعية.
وفضلًا عن التباين الشديد في كمية المطر السنوية فإن اتفاق فصل المطر مع فصل الحرارة الشديدة يترتب عليه ضياع كمية كبيرة من المياه بالتبخر، مما يقلل من القيمة الفعلية للأمطار، ولهذا فإن الحد الأدنى اللازم لنجاح الزراعة في هذه المناطق يجب ألا يقل في الغالب عن ٧٥ سنتيمترًا. ولكن يلاحظ أن أشد أيام السنة حرارة لا توجد عادة في قلب الفصل الممطر نفسه بل توجد في الشهر الذي يسبق هذا الفصل مباشرة وكذلك في الشهر الذي يعقبه مباشرة، والسبب في ذلك هو أن سقوط الأمطار يعتبر من حد ذاته من العوامل التي تساعد على تلطيف حرارة الجو.
والفصل الممطر هو فصل الحياة والرخاء في الأقاليم المدارية، فما أن يبدأ سقوط الأمطار حتى تأخذ الحياة النباتية في النمو بسرعة عجيبة بحيث يتغطى سطح الأرض في خلال أسبوعين أو ثلاثة بطبقة عظيمة الكثافة من الحشائش المرتفعة كما تعود الأشجار للاخضرار, وليس هذا النمو السريع للحياة النباتية إلا نتيجة طبيعية لاجتماع الأمطار الغزيرة مع الحرارة الشديدة، وهما العاملان الرئيسيان في نمو النباتات وذلك بشرط أن تكون كمية الأمطار كافية لتحمل البخر الشديد الذي يسببه ارتفاع درجة الحرارة في فصل سقوطها.
وعند انتهاء موسم الأمطار تعود الحالة تدريجيًّا إلى ما كانت عليه من فقر وحرارة وجفاف، وتعتبر الأسابيع الأخيرة من الفصل المطير من أجمل أوقات السنة من حيث ملاءمة الأحوال الجوية فيها لحياة الإنسان، فالرطوبة الشديدة التي يتميز بها الفصل الممطر تكون قد نقصت نوعًا ما بينما لا تكون درجة الحرارة قد ارتفعت ارتفاعها الشديد بعد، كما أن التربة الكثيرة التي يتغطى بها