للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحتمل أن يكون تمام الجواب عند قوله: (قُلِ اللَّهُ)، بمعنى: الله أكبر شهادة، ثم ابتدئ: (شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي: هو شهيد بيني وبينكم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أن يكون تمام الجواب عند قوله تعالى: {قُلِ الله {، فهو أيضاً من باب قوله: {قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ قُل لِّلَّهِ {[الأنعام: ١٢].

وأما قضية النظم على هذا، فهي أنه تعالى لما افتتح السورة بدلائل الآفاق والأنفس، وقرن معهما حججاً شتى، نبه بهذه الآية على أن كل ذلك شهادة من الله على إثبات توحيده، وعلمه، وقدرته، وسائر الصفات المستتبعة، لأن نصب الأدلة، وإقامة البراهين والحجج، هو الأصل فيها. ولهذا فصل شهادة الله عن شهادة الغير في قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ والْمَلائِكَةُ وأُوْلُوا العِلْمِ {[آل عمران: ١٨]. يعني: من يقدر على مثل هذه الأشياء إلا الله، حتى يكون أكبر شهادةً منه؟

ثم جعل ذلك مخلصاً ووسيلةً إلى إثبات رسالته صلوات الله عليه بقوله: {اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ {. يعني: مثل هذا الشاهد العظيم الشأن، الباهر القدرة، يشهد بيني وبينكم، وهو مصدق لدعواي بأني رسول حق، وكلامي صدق، وشهادته لي بأن أنزل على هذا الكتاب الكريم، المعجز، الفائق، الهادي إلى الطريق المستقيم. وإليه الإشارة بقوله: {وأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا القُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ ومَن بَلَغَ {، أي: لأثبت دعواي به، وأنذركم؛ فأعظم بمشهودٍ له من هذه صفات شاهده!

ثم أنكر عليهم الإنكار البليغ بقوله: {أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى {[الأنعام: ١٩]، يعني: بعد توضيح هذه الدلالات، وتبيين هذه الآيات البينات، أنتم ثابتون مستقرون على ما كنتم عليه؟ ما أشد شكيمتكم، وأعظم عنادكم! وإليه الإشارة بقوله: {أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ {تقرير لهم، مع إنكارٍ واستبعاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>