للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأن يكون (اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) هو الجواب، لدلالته على أنّ الله عزّ وجلّ إذا كان هو الشهيد بينه وبينهم، فأكبر شيء شهادة شهيدٍ له.

(وَمَنْ بَلَغَ) عطفٌ على ضمير المخاطبين من أهل مكة. أي: لأنذركم به وأنذر كل من بلغه القرآن من العرب والعجم. وقيل: من الثقلين. وقيل: من بلغه إلى يوم القيامة. وعن سعيد بن جبير: من بلغه القرآن فكأنما رأى محمداً صلى الله عليه وسلم.

(أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ) تقرير لهم مع إنكار واستبعاد، (قُلْ لا أَشْهَدُ) شهادتكم.

[(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم قوله: {قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إنَّمَا هُوَ إلَهٌ واحِدٌ وإنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ {[الأنعام: ١٩] أمر للرسول صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم، والتبري من شركهم، والتبتل إلى الله تعالى، لأن ذلك سنة أبيه إبراهيم، فإنه بعد ما أنذر وبالغ فيه، قال: {وأَعْتَزِلُكُمْ ومَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وأَدْعُو رَبِّي {[مريم: ٤٨].

وبعد الاحتجاج عليهم بالكواكب، قال: {إنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إنِّي وجَّهْتُ وجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ {[الأنعام: ٧٨ - ٧٩].

قوله: (وأن يكون {اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ {هو الجواب)، أي: المجموع. فعلى هذا هو من الأسلوب الحكيم. يعني: شهادته معلومة، كما سبق، لا كلام فيه، وإنما الكلام في أنه شاهد لي عليكم، مبين لدعواي بإنزال هذا الكتاب الكريم. وإذا ثبت أن الله تعالى شاهد لي، يلزم ما قال المصنف: "فأكبر شيء شهادةً شهيد له".

قوله: (وقيل: من بلغه إلى يوم القيامة). قال القاضي: "هو دليل على أن أحكام القرآن تعم الموجودين وقت نزوله، ومن بعدهم، وأنه لا يؤاخذ بها من لم تبلغه".

<<  <  ج: ص:  >  >>