للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) معناه: تزعمونهم شركاء، فحذف المفعولان.

وقرئ: "يحشرهم"، "ثم يقول"؛ بالياء فيهما. وإنما يقال لهم ذلك على وجه التوبيخ.

ويجوز أن يشاهدوهم، إلا أنهم حين لا ينفعونهم ولا يكون منهم ما رجوا من الشفاعة، فكأنهم غيب عنهم، وأن يحال بينهم وبينهم في وقت التوبيخ ليفقدوهم في الساعة التي علقوا بهم الرجاء فيها، فيروا مكان خزيهم وحسرتهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم قال: {إنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ {، أي: لا يفوزون في الدنيا بمباغيهم، بل يخسرون أنفسهم، وتستأصلون شأفتهم بأيديكم، ثم يوم القيامة أدهي وأمر.

قوله: (فكأنهم غيب). الغيب: ما غاب عنك. وجمع الغائب: غيب، وغياب، وغيب أيضاً. وإنما تثبت فيه الياء مع التحريك، لأنه شبه بـ"صيد"، وإن كان جمعاً، وصيد: مصدر قولك: بعير أصيد.

قوله: (وأن يحال بينهم) عطف على "أن يشاهدوهم". وقوله: "ويجوز أن يشاهدوهم" على قوله: "وإنما يقال لهم ذلك على جهة التوبيخ".

يعني: إنما يقال للمشركين: {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ {على سبيل التوبيخ، كقوله تعالى: {ولَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ {، إلى قوله: {ومَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ {[الأنعام: ٩٤].

أو يقال لهم وهم يشاهدونهم على سبيل التعيير، أي: ادعيتم أن هؤلاء شركاؤنا، فيشفعون لنا عند الله، فأين شفاعتهم؟ كما تقول للمهدد، ومعه صاحبه، وقد ادعى أنه يعينه في الشدائد، وقد وقع فيها وخذله: "أين زيد؟ " فجعلته، لعدم نفعه وإن كان حاضرًا، كالغائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>