للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما أدري ما يصنع من ذلك تفسيره بقوله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) [المجادلة: ١٨]، بعد قوله: (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [المجادلة: ١٤]، فشبه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا؟ !

[(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ* وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ)].

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) حين تتلوا القرآن، روي: أنه اجتمع أبو سفيان والوليد والنضر وعتبة وشيبة وأبو جهلٍ وأضرابهم يستمعون تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا للنضر: يا أبا قتيلة، ما يقول محمد؟ فقال: والذي جعلها بيته - يعني: الكعبة - ما أدري ما يقول، إلا أنه يحرّك لسانه ويقول أساطير الأوّلين، مثل ما حدثتكم عن القرون الماضية. فقال أبو سفيان: إني لأراه حقاً. فقال أبو جهل: كلا! فنزلت.

والأكنة على القلوب، والوقر في الآذان: مثل في نبوّ قلوبهم ومسامعهم عن قبوله واعتقاد صحته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ما يصنع من ذلك تفسيره بقوله: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ {). "من": موصوله، وهو فاعل "يصنع"، وذلك أنه تعالى قال في حق المنافقين: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ ولا مِنْهُمْ ويَحْلِفُونَ عَلَى الكَذِبِ وهُمْ يَعْلَمُونَ {[المجادلة: ١٤]. يعني: تولوا اليهود وناصحوهم، ثم قالوا للمسلمين: والله إنا لمسلمون. ثم قال بعده: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ {[المجادلة: ١٨]. قال المصنف: "فيحلفون لله على أنهم مسلمون في الآخرة، كما يحلفون لكم في الدنيا"، وهو المراد من قوله هاهنا: "فشبه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا".

قوله: (والوقر في الآذان: مثل في نبو قلوبهم)، أي: استعارة. قال الزجاج: "الوقر بالفتح: ثقل في السمع. يقال: فلان في أذنه وقر. وقد وقرت الأذن توقر. قال الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>