(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) حين تتلوا القرآن، روي: أنه اجتمع أبو سفيان والوليد والنضر وعتبة وشيبة وأبو جهلٍ وأضرابهم يستمعون تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا للنضر: يا أبا قتيلة، ما يقول محمد؟ فقال: والذي جعلها بيته - يعني: الكعبة - ما أدري ما يقول، إلا أنه يحرّك لسانه ويقول أساطير الأوّلين، مثل ما حدثتكم عن القرون الماضية. فقال أبو سفيان: إني لأراه حقاً. فقال أبو جهل: كلا! فنزلت.
والأكنة على القلوب، والوقر في الآذان: مثل في نبوّ قلوبهم ومسامعهم عن قبوله واعتقاد صحته
قوله:(ما يصنع من ذلك تفسيره بقوله: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ {). "من": موصوله، وهو فاعل "يصنع"، وذلك أنه تعالى قال في حق المنافقين: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ ولا مِنْهُمْ ويَحْلِفُونَ عَلَى الكَذِبِ وهُمْ يَعْلَمُونَ {[المجادلة: ١٤]. يعني: تولوا اليهود وناصحوهم، ثم قالوا للمسلمين: والله إنا لمسلمون. ثم قال بعده: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ {[المجادلة: ١٨]. قال المصنف:"فيحلفون لله على أنهم مسلمون في الآخرة، كما يحلفون لكم في الدنيا"، وهو المراد من قوله هاهنا:"فشبه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا".
قوله:(والوقر في الآذان: مثل في نبو قلوبهم)، أي: استعارة. قال الزجاج: "الوقر بالفتح: ثقل في السمع. يقال: فلان في أذنه وقر. وقد وقرت الأذن توقر. قال الشاعر: