للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: كانت في وقت رخاء، وفي وقت عاصفا، لهبوبها على حكم إرادته، وقد أحاط علمنا بكل شيء فنجري الأشياء كلها على ما يقتضيه علمنا وحكمتنا.

أى: يغوصون له في البحار فيستخرجون الجواهر، ويتجاوزون ذلك إلى الأعمال والمهن وبناء المدائن والقصور واختراع الصنائع العجيبة، كما قال (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ)] سبأ: ١٣ [والله حافظهم أن يزيغوا عن أمره، أو يبدلوا أو يغيروا، أو يوجد منهم فساد في الجملة فيما هم مسخرون فيه.

(وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) [الأنبياء: ٨٣ - ٨٤]. أي: ناداه بأنى مسنى الضر. وقرئ: "إنى"، بالكسر على إضمار القول أو لتضمن النداء معناه و"الضر" - بالفتح -: الضرر في كل شيء، وبالضم: الضرر في النفس من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقيل: كانت في وقتٍ رُخاءً، وفي وقتٍ عاصفاً)، كما وُصفت عصا موسى تارةً بأنها جانّ، وتارةً بأنها ثُعبانٌ، فإنها في بدء الإلقاء جان، وفي الانتهاء ثُعبان، أو أنها جانٌّ في خفتها، وثعبانٌ في عظم خلقها.

قوله: (والمهن)، الجوهري: المهنة بالفتح: الخدمة، وحكى أبو زيدٍ والكسائي بالكسر، وأنكره الأصمعي، والماهنُ: الخادم.

قوله: (والله حافظهم أن يزيغوا عن أمره) إلى قوله: (أو يوجد منهم فسادٌ في الجملة فيماهم مسخرون فيه)، إيذانٌ بأن قوله: (وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ) تذييلٌ لقوله: (وَمِنْ الشَّيَاطِينِ)، كما كان قوله: (وَكُنَّا فَاعِلِينَ) تذييلاً لقوله: (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ)، وقوله: (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) لقوله: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ) (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً)، وكان إثبات العلم مناسباً لقوله: (فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) للجزاء، وإن قدر المصنف: "فنُجري الأشياء كلها على ما يقتضيه علمُنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>