للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مرض وهزال، فرق بين البناءين لافتراق المعنيين. ألطف في السؤال حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة، وذكر ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بالمطلوب.

ويحكى أنّ عجوزا تعرضت لسليمان بن عبد الملك فقالت: يا أمير المؤمنين، مشت جرذان بيتي على العصىّ! فقال لها: ألطفت في السؤال، لا جرم لأردنها تثب وثب الفهود وملأ بيتها حبا. كان أيوب عليه السلام روميا من ولد إسحاق بن يعقوب عليهم السلام، وقد استنبأه الله وبسط عليه الدنيا وكثر أهله وماله: كان له سبعة بنين وسبع بنات، وله أصناف البهائم، وخمس مئة فدان «١» يتبعها خمس مائة عبد، لكل عبد امرأة وولد ونخيل، فابتلاه الله بذهاب ولده - انهدم عليهم البيت فهلكوا - وبذهاب ماله، وبالمرض في بدنه ثماني عشرة سنة. وعن قتادة: ثلاث عشرة سنة. وعن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولم يُصرح بالمطلوب)، أي: قال: (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ولم يقل: ارحم ضُرِّي، ليعم ويشمل ويُشعر بالتعليل، ولذلك استجيب له، ونُكر الضُّرُّ في قوله: (فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ) أي: ضرٍّ عظيمٍ متميزٍ من بين الضُّر، فلو عرفَ لكان عين الضُّر السابق ولم يُعلم تهويلُه.

قوله: (جِرذان بيتي)، الجوهري: الجرذُ: ضربٌ من الفأر، والجمعُ: الجرذانُ بكسر الجيم والذال المعجمة. "على العصي": حالٌ، أي: مشت متكئةً على العصي، وذكر صاحبُ "المثل السائر": أن امرأةً اشتكت بعض ولدِ سعد بن عُبادة قلة الفأرِ في بيتها، فقال: املؤوا بيتها خُبزاً وسمناً ولحماً.

قوله: (لأرُدَّنَّها تثبُ)، مشاكلةٌ، على نحو قول شُريح فيمن شهد عنده: إنك لسبطُ الشهادة، فقال: لأنها لم تجعد عليّ.

قوله: (فدان)، الجوهري: هو آلةُ الثورين للحرث، وهو فعالٌ بالتشديد، وقال أبو عمرو: هي البقر التي تحرث، والجمعُ الفدادينُ مخفف.

<<  <  ج: ص:  >  >>