للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) [مريم: ٢٠]. فإن قلت: نفخ الروح في الجسد عبارة عن إحيائه. قال الله تعالى (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) [الحجر: ٢٩] أى: أحييته. وإذا ثبت ذلك كان قوله (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) ظاهر الإشكال، لأنه يدل على إحياء مريم. قلت: معناه نفخنا الروح في عيسى فيها، أى: أحييناه في جوفها. ونحو ذلك أن يقول الزمار: نفخت في بيت فلان، أى: نفخت في المزمار في بيته. ويجوز أن يراد: وفعلنا النفخ في مريم من جهة روحنا وهو جبريل عليه السلام، لأنه نفخ في جيب درعها فوصل النفخ إلى جوفها.

فإن قلت: هلا قيل آيتين كما قال (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) [الإسراء: ١٢]؟ قلت: لأن حالهما بمجموعهما آية واحدة، وهي ولادتها إياه من غير فحل.

(إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: ٩٢].

الأمّة: الملة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لعارضٍ فيذكُرُها متوصلاً بها إلى ذلك الموصوف، مثل أن تقول: جاء المضيافُ، وتريد زيداً لعارض اختصاص للمضايف بزيد. ثم في الإتيان بالموصولة مع الصلة الدلالة على مزيد تقرير الإحصان، على نحو قوله: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ) [يوسف: ٢٣]، والإيذانُ بأنها إنما انتظمت في سلك الأنبياء بسبب هذه الخصلة.

قوله: (من جهة رُوحنا، وهو جبريل)، فـ"مِنْ" على هذا: ابتدائية، والإسنادُ مجازيٌّ نحو: بنى الأمير المدينة، والنفخ حقيقةٌ، وعلى أن يُراد بنفخ الروح الإحياء: بيانية، أي: نفخت به ما يحيا به من الروح. وإليه الإشارة: (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) [ص: ٧٢]، أي: أحييته، والأسلوب تمثيل، نحو قوله تعالى: (كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة: ١١٧].

قوله: (الأمةُ: الملة)، قال صاحب "المُطلِع": الأمةُ: أصلُها القومُ يجتمعون على دينٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>