للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وهذِهِ) إشارة إلى ملة الإسلام، أى: إن ملة الإسلام هي ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها لا تنحرفون عنها، يشار إليها ملة واحدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واحد، ثم اتُّسِعَ فيها حتى قيل للدين: أمةٌ، واشتقاقها من أم: قصد، وهي الملةُ المقصودة، قال تعالى: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ) [الزخرف: ٢٣] أي: دينٍ وملة.

قوله: (و (هذه) إشارة إلى ملة الإسلام)، أي: المشارُ إليه ما في الذهنِ كما مضى في قوله تعالى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف: ٧٨]، ولما كان معنى الإشارة هاهنا لأجل أكمل التمييز والتعيين، والمشارُ إليه غير محسوس ومعرفٌ تعريف إضافةٍ للاختصاص، قال: "التي يجبُ أن تكونوا عليها"، أي: هذه الملةُ متعينةٌ لكم، فلا مجال للانحراف عنها.

قوله: (يُشارُ إليها ملةً واحدة)، إشارةٌ إلى أن قوله: (أُمَّةً وَاحِدَةً): حالٌ، والعاملُ: اسمُ الإشارة، نحو قوله تعالى: (وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً) [هود: ٧٢]، وفيه إيماءٌ إلى أن عامل الحال غير عاملٍ فيها. قال المالكيُّ في "شرح التسهيل": والأكثرُ أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها؛ لأنها وإياهُ كالصفةِ والموصوفِ ولكنهما كالمميز والمميز عنهُ، وكالخبر والمخبر عنه، ومعلومٌ أن ما يعمل في المميز والمميز قد يكون واحداً وقد يكون غير واحد، وكذا ما يعملُ في الخبر والمُخبر عنه، فكذا الحالُ وصاحبها، ومثالُ اتحاد العامل في الأبواب الثلاثة: طاب زيدٌ نفساً، وإن زيداً قائمٌ، وجاء زيدٌ راكباً، ومثالُ عدم الاتحاد في الثلاثة: لي عشرون درهما، وزيدٌ منطلقٌ، على مذهب سيبويه، (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)، فـ (أُمَّةً): حالٌ، والعامل فيها: اسم الإشارة، و (أُمَّتُكُمْ): صاحب الحال، والعامل فيها: (َإِنَّ).

وقال ابن جني في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ) [الفتح: ٢٩]: نصب أشداء على الحال، أي: هم معه على هذه الحالة، فتجعلُه حالاً من الضمير في "معه"، ولو جعلته حالاً من (وَالَّذِينَ) كان العامل في الحال غير العامل في صاحبها، كان ذلك جائزاً كقوله تعالى: (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) [البقرة: ٩١]، وقوله: "يُشار إليها" في الكتاب: حالٌ من الضمير المجرور في "عنها"، وكذا "ملة واحدةً: حالٌ من الضمير المجرور في "يُشارُ إليها".

<<  <  ج: ص:  >  >>