للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير مختلفة (وَأَنَا) إلهكم إله واحد (فَاعْبُدُونِ) ونصب الحسن "أمّتكم" على البدل من (هذه)، ورفع "أمّة" خبرا. وعنه رفعهما جميعا خبرين (لهذه). أو نوى للثاني مبتدأ، والخطاب للناس كافة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (غير مختلفة)، يريد: قوله: (وَاحِدَةً): صفةٌ مؤكدةٌ لمعنى الوحدة في "ملةً" فيوافقه قوله: (أَنَا رَبُّكُمْ)، ولهذا فسره بقوله: "وأنا إلهكم إله واحد"؛ لأن التركيب مثلُ قولك: أنا أخوك، لمن يعرفُ أخاً له ويعرفُك، لكن لا يعرفُ أنك أخوه.

قوله: (وأنا إلهكم إلهٌ واحد)، تفسيرٌ لقوله: (أَنَا رَبُّكُمْ)، وتخصيصه بالتوحيد لاقتضاء المقام، وعطفه على قوله: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) والفاء في (فَاعْبُدُونِ) لترتب الحكم على الوصف. وأما قضيةُ ترتيب النظم فإن هذه السورة كما مر نازلةٌ في بيان النبوة وما يتعلقُ بها، والمخاطبون: المعاندون من أمة محمدٍ صلوات وسلامه عليه، ولما فرغ من بيان النبوة، وتكريره تقريراً، ومن ذكر الأنبياء مسلياً، عاد إلى خطابهم بقوله: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) أي هذه الملة التي كررتها عليكم ملةٌ واحدةٌ أختارها لكم فتمسكوا بها وبعبادة الله تعالى والقول بالتوحيد، وهي التي أدعوكم إليها، لتعضوا عليها بالنواجذ؛ لأن سائر الكتب نازلةٌ في شأنها، والأنبياء كلهم مبعوثون للدعوة إليها، ومتفقةٌ عليها، ثم لما عُلم إصرارهم وعنادهم قيل: (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ)، المعنى: الملةُ واحدة، والربُّ واحد، والأنبياءُ متفقون عليها، وهؤلاء البُعداءُ جعلوا أمر الدين الواحد فيما بينهم قطعاً كما تتوزعُ الجماعةُ الشيء الواحد.

قوله: (ونصب الحسنُ "أمتكم" قال ابن جني: ورويت عن أبي عمرو: "أمتكم أمةٌ واحدةٌ" بالرفع، فتكونُ "أمةٌ واحدةٌ" بدلاً من (أُمَّتُكُمْ)، كقولك: زيدٌ أخوك رجلٌ صالحٌ، ولو قرئ أمتكم بالنصب بدلاً وتوضيحاً لـ (هذه)، ورُفع (أُمَّةً وَاحِدَةً) لأنه خبرُ (إنَّ) كان وجهاً جميلاً حسناً.

<<  <  ج: ص:  >  >>