للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شكور. وقد نفى نفي الجنس ليكون أبلغ من أن يقول: فلا نكفر سعيه (وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ) أى نحن كاتبو ذلك السعى ومثبتوه في صحيفة عمله، وما نحن مثبتوه فهو غير ضائع ومثاب عليه صاحبه.

(وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥) حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَاجُوجُ وَمَاجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) [الأنبياء: ٩٥ - ٩٦].

استعير الحرام للممتنع وجوده. ومنه قوله عز وجلّ (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فشبه معاملته مع من أطاعه، وعمل صالحاً لوجهه، بثناء من قد أحسن إليه غيره وأولاهُ من معروفه، ثم استعمل لجانب المشبه ما كان مستعملاً في المشبه به من لفظ الشكور، وفي عكسه الكفران. "النهاية": وفي أسماء الله تعالى الشكور، وهو الذي يزكو عنده القليلُ من أعمال العباد، فيُضاعفُ لهم الجزاء، وهو من أبنية المبالغة.

قوله: (فهو غير ضائع)، إشارةٌ إلى ملزوم قوله: (وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ)؛ لأنه كنايةٌ عنه.

قوله: (استعير الحرامُ للممتنع وجوده)، أنشد صاحبُ "المطلع" للخنساء:

وإن حراماً لا أرى الدهر باكياً … على شجوه إلا بكيت على عمرو

وإنما جعله استعارةً لأن الحرام اسمٌ لما امتنع تناوله قطعاً بسبب شرعي، فما حكم الله بامتناعه يكونُ كالشيء المحرم على الناس، ومنه الحديث: "حرمتُ الظُّلمَ على نفسي"، أي: تقدستُ عنهُ وتعاليت.

<<  <  ج: ص:  >  >>