للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حيث أصابهم ما أصابهم بسببهم. والنظر إلى وجه العدوّ باب من العذاب، ولأنهم قدّروا، أنهم يستشفعون بهم في الآخرة ويستنفعون بشفاعتهم، فإذا صادفوا الأمر على عكس ما قدروا لم يكن شيء أبغض إليهم منهم.

فإن قلت: إذا عنيت ب"ما تعبدون" الأصنام، فما معنى (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ)؟ قلت: إذا كانوا هم وأصنامهم في قرن واحد، جاز أن يقال: "لهم زفير"، وإن لم يكن الزافرين إلا هم دون الأصنام للتغليب ولعدم الإلباس.

و"الحصب": المحصوب به، أى: يحصب بهم في النار. والحصب: الرمي. وقرئ بسكون الصاد، وصفا بالمصدر. وقرئ "حطب"، و"حضب"، بالضاد متحركاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (للتغليب)، قال صاحب "الفرائد": لا تغليب هاهنا، والمرادُ من ضمير (وَهُمْ): المخاطبون في قوله: (إِنَّكُمْ)، فالالتفاتُ من الخطاب إلى الغيبة، وقلتُ: لما حكم على جميعهم وأنهم مع أصنامهم حصبُ جهنم، ثم حقق ذلك بأن هذا وعدٌ لابد منه بقوله: (أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) وعطف عليه قوله: (وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ) توكيداً لشمول الأشخاص والأزمان على سبيل الالتفات، ثم أوقع بني المعطوف والمعطوف عليه قوله تعالى: (لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا) اعتراضاً وتجهيلاً للكفرة، واحتجاجاً عليهم، عقبه ببيان أحوال كلهم في جهنم بقوله: (لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ)، وكان مقتضى السياق الشركة أيضاً، لكن امتنع وصفها بالزفير، فوجب المصير إلى التأويل بالتغليب، ويجوز وصفها به ما وصف جهنم بالتغيظ والزفير على الحقيقة.

قوله:"الحصبُ": المحصوبُ به)، والمحصوب: النارُ، والمحصوب به: الحطبُ، كما أن المرمي: الهدفُ، والمرميَّ به: السهمُ.

قوله: (وقرئ بسكون الصاد)، قال ابن جني: وهي قراءة ابن السميفع. وقرأ ابن عباس: "حضبُ" بالضاد مفتوحةً، وبسكونها: كثيرُ عزة، وبالطاء: عليُّ بن أبي طالب وعائشةُ وابن الزبير رضي الله عنهم. والحصبُ بالضاد والصاد: الحطبُ، وفيه ثلاث لغات. حطبٌ، وحضبٌ، وحصبٌ، إنما يقال: حصبٌ إذا ألقي في التنور والموقد، فأما ما لم يُستعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>