للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يحتمل الأصنام وإبليس وأعوانه، لأنهم بطاعتهم لهم واتباعهم خطواتهم في حكم عبدتهم. ويصدّقه ما روى: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وصناديد قريش في الحطيم، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، فجلس إليهم فعرض له النضر بن الحرث فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليهم (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) … الآية، فأقبل عبد الله بن الزبعرى فرآهم يتهامسون، فقال: فيم خوضكم؟ فأخبره الوليد بن المغيرة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الله: أما والله لو وجدته لخصمته، فدعوه. فقال ابن الزبعرى: أأنت قلت ذلك؟ قال: نعم. قال: قد خصمتك ورب الكعبة. أليس اليهود عبدوا عزيرا، والنصارى عبدوا المسيح، وبنو مليح عبدوا الملائكة؟

فقال صلى الله عليه وسلم: "بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك". فأنزل الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ)] الأنبياء: ١٠١ [ … الآية يعنى عزيرا والمسيح والملائكة عليهم السلام.

فإن قلت: لم قرنوا بآلهتهم؟ قلت: لأنهم لا يزالون لمقارنتهم في زيادة غمّ وحسرة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ما تعبدون من دون الله: يحتمل الأصنام)، قال في "البقرة": "ما: عامٌّ في كل شيء، فإذا عُلم فُرِّق بـ (ما) و (مَنْ) ". وقد عُلم هنا بقرينة الخطاب في قوله: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ) وفيما سبق (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، والالتفات في قوله: (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ) أن المخاطبين: المشركون، فإن "ما" محمولةٌ على الأصنام، ومن ثم قدر محيي السنة: إنكم أيها المشركون وما تعبدون من دون الله، يعني الأصنام، حصبُ جهنم. وقال محيي السنة: وزعم جماعةٌ أن المراد من الآية الأًنام، لقوله: (وَمَا تَعْبُدُونَ)، ولو أريد الملائكة والناس لقيل: ومن تعبدون. وهو ضعيفٌ؛ لأن ما: عامةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>