للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النبوية، فإذا وُجد من يشتغلُ بغير الكتاب والسنة وما والاهما عُلم أن الله تعالى لم يُرد به خيراً فلا يعبأ باستعداده الظاهر، وأن الفقيه هو الذي علم وعمل ثم علم، وفاقد أحدهما فاقد هذا الاسم، وأن العالم العامل ينبغي أن يفيد الناس بعمله كما يفيدهم بعلمه. ولو أفاد بالعمل فحسبُ لم يحظ منه بطائل، كأرض معشبة لا ماء فيها، فلا يمرؤ مرعاها، ولو اقتصر على القول لأشبه السقي مجرداً عن الرعي، فيشبه الآخذ بالمستسقي، ولو منعهما معاً كان كأرض ذات ماءٍ وكلأٍ وعُشب، وحماها بعضُ الظلمة عن مستحقيها. قال:

ومن منح الجهال علماً أضاعه … ومن منع المستوجبين فقد ظلم

وفي اختصاص الإخاذات: إيماءٌ إلى أن القلب الخالي من الكتاب والسنة كالمصنع الفارغ من الماء، وأن آخذ الحديث ينبغي أن يكون واعياً كالإخاذ، حافظاً للألفاظ الجامعة بين التعريفات المغيرة، ليتمكن من الاستنباطات المتنوعة؛ إذ لو انخرم حرفٌ أو انحرفت كلمةٌ لفاتت الفوائدُ المتكاثرة.

وعن مسروقٍ قال: صحبتُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدتهم كإخاذاتٍ؛ لأن قلوبهم كانت واعيةً فصارت أوعيةً للعلوم بما رزقوا من صفاء الفهوم. وأن يكون واقياً لها من الشوائب النفسانية متفادياً من الأعراض الدنيوية كالمصنع الذي يقي الماء عن الكدورات: الداخلة والخارجة، ولهذه الأسرار الغامضة ورد فيهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فقيهٌ واحدٌ أشدُّ على الشيطان من ألف عابد"، أخرجه الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>