للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُسْلِمُونَ) أن الوحي الوارد على هذا السنن موجب أن تخلصوا التوحيد لله، وأن تخلعوا الأنداد. وفيه أن صفة الوحدانية يصح أن يكون طريقها السمع. ويجوز أن يكون المعنى: أن الذي يوحى إلى، فتكون «ما» موصولة.

(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (١٠٩) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (١١٠) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) [الأنبياء: ١٠٩ - ١١١].

"آذن": منقول من "أذن" إذا علم، ولكنه كثر استعماله في الجري مجرى الإنذار. ومنه قوله تعالى (فَاذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)] البقرة: ٢٧٩ [، وقول ابن حلزة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أن الوحي الوارد على هذا السنن يوجب أن يخلصوا التوحيد لله تعالى)، وذلك أن قوله تعالى: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ونحوه إنما يُذكر إذا تقدم أمرٌ أو شأنٌ قُرنَ معه ما يوجبُ الائتمار به أو الترغيب فيه، فيؤتى به للتحريض عليه، والتنبيه على إزاحة الموانع والصوارف عنه، وهاهنا لما بولغ في أمر التوحيد بالحصرين عقبه به إيجاباً للامتثال بإخلاص التوحيد، وإن شئت فانظر إلى قول المصنف في تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) إلى قوله: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) [المائدة: ٩١] ليتحقق لك ما أردنا إيراده هاهنا.

قوله: (وفيه أن صفة الوحدانية يصح أن يكون طريقها السمع)، يريد أن قوله تعالى: (إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) مع كونه مسبوقاً لإثبات إخلاص التوحيد قد أدمج فيه هذا المعنى. قال الإمام: العلمُ بصحة النبوة لا يتوقف على العلم بكون الإله واحداً، فلا جرم أمكن إثبات الوحدانية بالدلائل السمعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>