للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للمفعول، والواو راجعة إلى «ما» لأنه في معنى الآلهة، أى: ذلك الوصف بخلق الليل والنهار والإحاطة بما يجرى فيهما وإدراك كل قول وفعل، بسبب أنه الله الحق الثابت إلهيته، وأن كل ما يدعى إلها دونه باطل الدعوة، وأنه لا شيء أعلى منه شأنا وأكبر سلطانا.

[(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) ٦٣ - ٦٤].

قرئ "مُخْضَرَّةً" أى ذات خضر، على مفعلة، كمبقلة ومسبعة. فإن قلت: هلا قيل: "فأصبحت"؟ ولم صرف إلى لفظ المضارع؟ قلت: لنكتة فيه، وهي إفادة بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان، كما تقول: أنعم علىّ فلان عام كذا، فأروح وأغدو شاكرا له. ولو قلت: فرحت وغدوت، لم يقع ذلك الموقع.

فإن قلت: فما له رفع ولم ينصب جوابا للاستفهام؟ قلت: لو نصب لأعطى ما هو عكس الغرض،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لو نُصب لأعطى ما هو عكسُ الغرض)، قال صاحب "التقريب": هو مثلُ قولك: ألم أكرمكَ فتشكُر، رفعه يثبت الشكر، ونصبه ينفيه؛ لأن النصب بتقدير "أنْ"، وهو علم الاستقبال فيجعله مترقباً، والرفعُ جزمٌ بإخباره. تلخيصه: أن الرفع جزمٌ بإثباته، والنصبُ ليس جزماً بإثباته، لا أنه جزم بنفيه. وفيه نظرٌ؛ لأن نفي الشكر من كونه جواباً للاستفهام؛ لأن المعنى: إن رأيت إنعامي شكرتُه.

وقال صاحبُ "الفرائد": لا وجه لما ذكره صاحب "الكشاف"، ولا يلزم المعنى الذي ذكر، بل يلزمُ من نصبه أن يكون مشاركاً لقوله: (أَلَمْ تَرَ) تابعاً له، ولم يكن تابعاً لـ (أَنزَلَ) ويكون مع ناصبه مصدراً معطوفاً على المصدر الذي تضمنه (أَلَمْ تَرَ) وهو الرؤية، والتقديرُ: ألم يكن لك رؤيةُ إنزال الماء من السماء فإصباح الأرضٍ مخضرةً، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>