للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالثواب والعقاب ومسلاة للنبي صلى الله عليه وسلم مما كان يلقى منهم، وكيف يخفى عليه ما يعملون، ومعلوم عند العلماء بالله أنه يعلم كل ما يحدث في السماوات والأرض، وقد كتبه في اللوح قبل حدوثه.

والإحاطة بذلك وإثباته وحفظه عليه (يَسِيرٌ) لأن العالم الذات لا يتعذر عليه ولا يمتنع تعلق بمعلوم.

[(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) ٧١].

وَيَعْبُدُونَ ما لم يتمسكوا في صحة عبادته ببرهان سماوي من جهة الوحى والسمع، ولا ألجأهم إليها علم ضروري، ولا حملهم عليها دليل عقلى (وَمَا) للذين ارتكبوا مثل هذا الظلم من أحد ينصرهم ويصوّب مذهبهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ومسلاةٌ)، هي مفعلةٌ من: سلوتُ عنه وسليتُ عنه. الجوهري: هو في سلوةٍ من العيش، أي: رغد.

قوله: (ومعلومٌ عند العلماء بالله أنه يعلمُ كل ما يحدث في السماوات والأرض)، واللام في "العلماءِ" للجنسِ، أي العلماء الكاملون، تعريضاً بالفلسفي، لكن قوله: "عالمُ بالذات" اعتزالٌ.

قوله: (ولا ألجأهم غليها علمٌ ضروريٌ، ولا حملهم عليها دليلٌ عقلي)، هذا معنى قوله: (مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ)؛ لأن العلم بعد الدليل السمعي إما ضروريٌّ أو استدلالي، وفي اختصاص الدليل السمعي بالسلطان والتنزيل، والنوعين الأخيرين بالعلم دليلٌ واضحٌ على ذي بصيرةٍ نافذةٍ أن الدليل السمعيَّ هو الحجةُ القاطعة، وله القهر والغلبةُ، وعند ظهوره تضمحلُّ الآراءُ وتتلاشى الأقيسةُ، ومن عكس ضل الطريق، وحُرم التوفيق، وبقي متزلزلاً في ورطات الشُّبَه، وإن شئت فجربِ التنكير في (سُلْطَاناً) وفي (عِلْمٌ)، وقسمهما على قول الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>