للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أى مصيبين قوم نوح ببلاء عظيم وعقاب شديد. أي: مختبرين بهذه الآيات عبادنا لننظر من يعتبر ويذكر، كقوله تعالى: (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: ١٥].

[(ثُمَّ أَنْشَانا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) ٣١ - ٣٢].

(قَرْناً آخَرِينَ) هم عاد قوم هود: عن ابن عباس رضى الله عنهما. وتشهد له حكاية الله تعالى قول هود: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ)] الأعراف: ٦٩ [، ومجيء قصة هود على أثر قصة نوح في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء. فإن قلت: حق "أرسل" أن يعدى ب"إلى"، كأخواته التي هي: وجه، وأنفذ، وبعث. فما باله عدّى في القرآن ب"إلى" تارة، وب"في" أخرى، كقوله: (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ)] الرعد: ٣٠ [، (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ)] سبأ: ٣٤ [. (فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا) أى في عاد. وفي موضع آخر (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً)] الأعراف: ٦٥ [؟ قلت: لم يعدّ ب"في" كما عدّى ب"إلى"، ولم يجعل صلة مثله، ولكن الأمّة أو القرية جعلت موضعا للإرسال، كما قال رؤبة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ببلاءٍ عظيم وعقابٍ شديد)، دل على ذلك صيغةُ التعظيم في قوله: (وَإِنْ كُنَّا)، ودل "إنْ" المخففة واللامُ على إيجاب إيقاع البلاء.

قوله: (كقوله: (وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قال: "الضمير في (تَرَكْنَاهَا) للسفينة، أو للفعلة، أي: جعلناها آية يعتبرُ بها".

قوله: (هم عادٌ قومُ هود)، أي: ضميرُ "هم" في قوله: (مِنْ بَعْدِهِمْ) لعادٍ قوم هُود. قال القاضي: هم عادٌ، أو ثمودُ، والرسول هو هودٌ أو صالحٌ عليهما السلام.

قوله: (ولم يُجعل صلةً مثله، ولكن الأمة أو القرية جعلت موضعاً للإرسال، يعني: ليست "في" للتعدية مثل "إلى"، لكن: رفٌ له، اقتطع "أرسلنا" من صلته، وجُعل مطلقاً،

<<  <  ج: ص:  >  >>