للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووصف اليوم به أبلغ من وصف العذاب، لأن الوقت إذا عظم بسببه كان موقعه من العظم أشد.

[(فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)].

وروي: أن مسطعا ألجأها إلى مضيق في شعب، فرماها بسهم فأصاب رجلها فسقطت: ثم ضربها قدار. وروي: أنّ عاقرها قال: لا أعقرها حتى ترضوا أجمعين، فكانوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولون: أترضين؟ فتقول: نعم، وكذلك صبيانهم. فإن قلت: لم أخذهم العذاب وقد ندموا؟ قلت: لم يكن ندمهم ندم تائبين، ولكن ندم خائفين أن يعاقبوا على العقر عقابا عاجلا، كمن يرى في بعض الأمور رأيا فاسدا ويبني عليه، ثم يندم ويتحسر كندامة الكسعي. أو: ندموا ندم تائبين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ووصف اليوم به أبلغ)، لأنه حينئذٍ من باب الكناية.

قوله: (ويتحسر كندامة الكسعي)، أي: كتحسر الكسعي عند الندامة. قال الميداني: هو رجلٌ من كسعة، واسمه محارب بن قيس، أنه كان يرعى إبلاً له بوادٍ معشب، فبصر نبعةً في صخرة، فأعجبته، فجعل يتعهدها، حتى إذا أدركت قطعها واتخذ منها قوساً وخمسة أسهم، ثم خرج حتى أتى موارد خمرٍ فكمن فيها، فمر قطيعٌ فرمى عيراً منها فأنفذ فيه وجازه، وأصاب الجبل فأورى ناراً، فظن أنه أخطأه، هكذا خمس مرات، ثم عمد إلى قوسه فضرب بها حجراً فكسرها، فلما أصبح نظر إلى الحمر مطرحةً حوله، وأسهمه بالدم مضرجةٌ، فندم على كسر القوس، فشد على إبهامه فقطعها، وأنشأ يقول:

ندمت ندامةً لو أن نفسي … تطاوعني إذن لقطعت خمسي

تبين لي سفاه الرأي مني … لعمر أبيك حين كسرت قوسي

<<  <  ج: ص:  >  >>