للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا قوم لوط وحدكم مختصون بهذه الفاحشة. والعالمون على هذا القول: كل ما ينكح من الحيوان. (مِنْ أَزْواجِكُمْ) يصلح أن يكون تبيينا لـ (مَا خَلَقَ)، وأن يكون للتبعيض، ويراد بـ (مَا خَلَقَ): العضو المباح منهنّ.

وفي قراءة ابن مسعود: (ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم)، وكأنهم كانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم. العادي: المتعدّى في ظلمه، المتجاوز فيه الحدّ، ومعناه: أترتكبون هذه المعصية على عظمها؟ ! (بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) في جميع المعاصي، فهذا من جملة ذاك، أو بل أنتم قوم أحقاء بأن توصفوا بالعدوان، حيث ارتكبتم مثل هذه العظيمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والعالمون على هذا [القول]: كل ما ينكح)، أي: الناكح، وعلى الأول: مراده المنكوح، فيختص بالعقلاء، يقال: فلانٌ ناكحٌ بني فلان، أي: ذات الزوج منهم، ونكحها زوجها: وطئها، والنكاح في الوطء حقيقةٌ، وفي التزوج مجاز، ثم إن العالم إما: اسمٌ لذوي العلم، فهو المعنى بقوله: "من عداكم من العالمين"، أو: لكل ما علم به الخالق، فهو المعني به بهذا التفسير، فاختص الأول بالناس، لقرينة {أَتَاتُونَ الذُّكْرَانَ}، والثاني بالحيوان لتلك القرينة، فـ "من"- على الأول- بيانٌ للذكران، وعلى الثاني: بيانٌ للضمير في {أَتَاتُونَ}، وعلى الأول يجوز أن يكون تبعيضاً، ذكر في الأعراف في قوله تعالى: {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٨٠] أنها تبعيضٌ.

قوله: (وأن يكون للتبعيض، ويراد بـ {مَا خَلَقَ}: العضو المباح)، فـ "من": منصوبٌ: بدلٌ من: {مَا خَلَقَ}: المعنى: أتجمعون بين إتيان الذكران، وترك ما أصلح لكم ربكم من العضو المباح في النساء؟ ويؤيده قراءة ابن مسعودٍ.

قوله: (أو: بل أنتم قومٌ أحقاء بأن توصفوا بالعدوان)، هذا مبنيٌ على أن {عَادُونَ} مطلقٌ، ولا يقال في أي شيءٍ كان عداوتهم، وعلى الأول مجرى على العموم في جميع ما يصح فيه العدوان من المعاصي.

<<  <  ج: ص:  >  >>