للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ)].

(لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) عن نهينا وتقبيح أمرنا (لَتَكُونَنَّ) من جملة من أخرجناه من بين أظهرنا وطردناه من بلدنا، ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوإ حال: من تعنيف به، واحتباس لأملاكه. وكما يكون حال الظلمة إذا أجلوا بعض من يغضبون عليه، وكما كان يفعل أهل مكة بمن يريد المهاجرة.

[(قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ* رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ* فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ* إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ* ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ* وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ* إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)].

و(مِنَ الْقالِينَ) أبلغ من أن يقول: إني لعملكم قال، كما تقول: فلان من العلماء، فيكون أبلغ من قولك: فلان عالم، لأنك تشهد له بكونه معدودا في زمرتهم، ومعروفة مساهمته لهم في العلم. ويجوز أن يريد: من الكاملين في قلاكم. والقلى: البغض الشديد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: {مِنَ الْقَالِينَ} أبلغ من أن يقول: إني لعملكم قالٍ)، الانتصاف: كثيراً ما ورد في القرآن خصوصاً في هذه السورة من التعبير عن الفعل إلى الصفة المشتقة، وجعل الموصوف واحداً من جمع، لأن التعبير بالفعل يفهم وقوعه خاصةً، وأما بالصفة وجعل الموصوف واحداً من جمع، فيفهم أمراً زائداً، وهو جعل ذلك سمةً للموصوف ثابتة التعلق كاللقب المشهور، ولو قلت- مكان قوله تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} [التوبة: ٨٧]-: رضوا بأن يتخلفوا، لم يزد على الإخبار بتخلفهم، والمتلو {مَعَ الْخَوَالِفِ} ألحقهم لقباً رديئاً وصيرهم نوعاً رذلاً. تم كلامه.

قوله: (ويجوز أن يريد: من الكاملين)، عطفٌ على قوله: "كما تقول: فلانٌ من العلماء"، ومن حيث المعنى اللام: للعهد، وعلى الثاني: للجنس، وأريد: قومٌ مشهورون، لأن الجنس إذا أطلق على بعضه في مقام المدح حمل على الكمال. قال أبو البقاء: تقديره: إني لعملكم

<<  <  ج: ص:  >  >>