للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتنجية: العصمة. فإن قلت: فما معنى قوله: (فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزاً)؟ قلت: معناه أنه عصمه وأهله من ذلك إلا العجوز، فإنها كانت غير معصومة منه، لكونها راضية به ومعينة عليه ومحرشة، والراضي بالمعصية في حكم العاصي. فإن قلت: كان أهله مؤمنين ولولا ذلك لما طلب لهم النجاة، فكيف استثنيت الكافرة منهم: قلت الاستثناء إنما وقع من الأهل وفي هذا الاسم لها معهم شركة بحق الزواج وإن لم تشاركهم في الإيمان. فإن قلت: (فِي الْغابِرِينَ) صفة لها، كأنه قيل: إلا عجوزا غابرة، ولم يكن الغبور صفتها وقت تنجيتهم قلت: معناه إلا عجوزا مقدّرا غبورها. ومعنى (الْغابِرِينَ): في العذاب والهلاك: غير الناجين. قيل: إنها هلكت مع من خرج من القرية بما أمطر عليهم من الحجارة. والمراد بتدميرهم: الائتفاك بهم، وأمّا الإمطار: فعن قتادة: أمطر الله على شذاذ القوم حجارة من السماء فأهلكهم. وعن ابن زيد: لم يرض بالائتفاك حتى أتبعه مطرا من حجارة. وفاعل "ساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ"- ولم يرد بالمنذرين قوما بأعيانهم، إنما هو للجنس، والمخصوص بالذّم محذوف، وهو مطرهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (قيل: إنها هلكت)، قيل: هو بيانٌ لقوله: "أن معنى الغابرين هو: غير الناجين، لأنها هلكت بما وقعت عليها من الحجارة مع قومها الخارجين من تلك البلدة، وهو المراد بكونها في الغابرين، لا أنها كانت في البلدة الموبقة المنقلبة على أهلها.

قوله: (الائتفاك بهم)، أفكه عن الشيء يأفكه إفكاً: صرفه، وائتفكت البلاد بأهلها: هلكت.

قوله: (شذاذ القوم)، وهم الذين يكونون في القوم وليسوا من قبيلتهم".

قوله: (إنما هو للجنس)، قيل: لأن فاعل "ساء" و"بئس" و"نعم" مشروطٌ بأن يكون جنساً أو مضافاً إلى جنس، ليكون المخصوص بالذم تفسيراً له، فيحصل في الكلام إبهامٌ وتفسير، فيتمكن في الذهن فضل تمكن، ويحصل به مزيد مدح أو ذم.

<<  <  ج: ص:  >  >>