للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن أرادوا المظلة فقد خالف بهم عن مقترحهم. يروى: أنه حبس عنهم الريح سبعا، وسلط عليهم الومد، فأخذ بأنفاسهم لا ينفعهم ظلّ ولا ماء ولا سرب، فاضطرّوا إلى أن خرجوا إلى البرية فأظلتهم سحابة وجدوا لها بردا ونسيما، فاجتمعوا تحتها، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا. وروي: أنّ شعيبا بعث إلى أمتين: أصحاب مدين، وأصحاب الأيكة، فأهلكت مدين بصيحة جبريل، وأصحاب الأيكة بعذاب يوم الظلة. فإن قلت: كيف كرّر في هذه السورة في أوّل كل قصة وآخرها ما كرّر؟ قلت: كل قصة منها كتنزيل برأسه، وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها، فكانت كل واحدة منها تدلي بحق في أن تفتتح بما افتتحت به صاحبتها، وأن تختتم بما اختتمت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عناداً وجحوداً، قال: ربي أعلم بعملكم وبما تستحقونه من العذاب، فإنه فوق ما تطلبونه، ولذلك عاقبهم بحبس الريح، وتسليط الوعد، ثم أمطرت عليهم ناراً فاحترقوا كما قال.

قوله: (وسلط عليهم الومد)، الجوهري: الومد والومدة بالتحريك: شدة حر الليل.

قوله: (فأهلكت مدين بصيحة جبريل عليه السلام)، قالوا: الصواب: برجفة الأرض، لقوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [الأعراف: ٩١]، والصيحة كانت لقوم صالح عليه السلام، لقوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} [المؤمنون: ٤١]، وفيه نظر، لما ورد في سورة الأعراف في حق قوم صالح وشعيب: الرجفة، وفي سورة هود في حقهما: الصيحة.

قوله: (كيف كرر في هذه السورة)، يعني قوله: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} وفي آخرها: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

قوله: (كل واحدةٍ منها تدلي بحق)، الأساس: ومن المجاز: أدلى بحقه وحجته: أحضرها، وأدلى بمال فلانٍ إلى الحكام: رفعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>