أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله على أنّ سجدات القرآن أربع عشرة، وإنما اختلفا في سجدة (ص) - فهي عند أبي حنيفة سجدة تلاوة. وعند الشافعي: سجدة شكر- وفي سجدتي سورة الحج وما ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد، فغير مرجوع إليه. فإن قلت: هل يفرق الواقف بين القراءتين؟ قلت: نعم إذا خفف وقف على: (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) ثم ابتدأ (أَلَّا يَا اسْجُدُوا)، وإن شاء وقف على (ألا يا)، ثم ابتدأ (اسجدوا) وإذا شدّد لم يقف إلا على (الْعَرْشِ الْعَظِيمِ). فإن قلت: كيف سوّى الهدهد بين عرش بلقيس وعرش الله في الوصف بالعظم؟ قلت: بين الوصفين بون عظيم، لأنّ وصف عرشها بالعظم: تعظيم له بالإضافة إلى عروش أبناء جنسها من الملوك. ووصف عرش الله بالعظم: تعظيم له بالنسبة إلى
إنما هو للتنبيه، كأنه قال:"ألا اسجدوا" فلما أدخل عليها "يا" للتنبيه سقطت الألف التي في "اسجدوا"، لأنها ألف وصلٍ، وذهبت الألف التي في "يا" لاجتماع الساكنين، لأنها والسين ساكنان.
قال ذو الرمة:"ألا يا اسلمي" البيت.
قال الإمام: قال أهل التحقيق: قوله: {أَلَّا يَسْجُدُوا} يجب أن يكون بمعنى الأمر، لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن لوصفه تعالى بما يوجب أن يكون السجود له، وهو كونه قادرًا على إخراج الخبء عالمًا بالأسرار معنى.
قوله:(فغير مرجوع إليه)، قيل: لأن الزجاج توهم أن مع التخفيف صيغة أمرٍ، وهو للوجوب، ومع التشديد ليس كذلك، وفي كلام المصنف ذم التارك إشارةً إلى قولهم: الواجب ما يذم تاركه شرعًا، وردٌ لقول الزجاج قال القاضي: وعلى الوجهين يقتضي وجوب السجود في الجملة لا عند قراءتها.