للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحميري، فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت، وقالت لقومها ما قالت: (مُسْلِمِينَ) منقادين، أو مؤمنين.

(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ) [النمل: ٣٢].

الفتوى: الجواب في الحادثة، اشتقت على طريق الاستعارة من الفتاء في السن. والمراد بالفتوى هاهنا: الإشارة عليها بما عندهم فيما حدث لها من الرأي والتدبير، وقصدت بالانقطاع إليهم والرجوع إلى استشارتهم واستطلاع آرائهم: استعطافهم وتطييب نفوسهم ليمالئوها ويقوموا معها. (قاطِعَةً أَمْراً): فاصلة. وفي قراءة ابن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (اشتقت على طريق الاستعارة من الفتى في السن)، المغرب: واشتقاق الفتوى من الفتى، لأنها جوابٌ في حادثةٍ، أو إحداث حكمٍ، أو تقويةٌ لبيان مشكلٍ.

الجوهري: فتى- بالكسر- يفتى فتًى فهو فتى السن بين الفتاء. عن بعضهم: الفتاء: هو الحداثة واللذاذة، قال:

إذا عاش الفتى مئتين عامًا … فقد ذهب اللذاذة والفتاء

وقلت: فعلى هذه الجهة الجامعة بين المستعار والمستعار له، إما الإحداث كما يقال للفتى: هو حديث السن، أو القوة، فإن في الفتى مظنة القوة والشدة.

وفي كلام المصنف أيضًا إشارةٌ إلى هذين المعنيين، فقوله: " فيما حدث لها من الرأي" إشارةٌ إلى الأول، وقوله: "ليمالئوها ويقوموا معها" إشارةٌ إلى الثاني، وقال صاحب "المطلع": فكأن الإفتاء الإشارة على المستفتي فيما حدث له من الحادثة، بما عند المفتي من الرأي والتدبير، وهو إزالة ما حدث له من الإشكال، كالإشكاء: إزالة الشكوى.

قوله: (ليمالئوها)، الجوهري: قال أبو زيد: مالأته على الأمر ممالأة: ساعدته عليه، وشايعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>