للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الهدهد فأخبر سليمان، فأمر الجنّ فضربوا لبن الذهب والفضة، وفرشوه في ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخ، وجعلوا حول الميدان حائطا شرفه من الذهب والفضة، وأمر بأحسن الدواب في البر والبحر فربطوها عن يمين الميدان ويساره على اللبن، وأمر بأولاد الجن وهم خلق كثير فأقيموا عن اليمين واليسار، ثم قعد على سريره والكراسىّ من جانبيه، واصطفت الشياطين صفوفا فراسخ، والإنس صفوفا فراسخ، والوحش والسباع والهوام والطيور كذلك، فلما دنا القوم ونظروا: بهتوا، ورأوا الدواب تروث على اللبن، فتقاصرت إليهم نفوسهم ورموا بما معهم، ولما وقفوا بين يديه نظر إليهم بوجه طلق وقال: ما وراءكم؟ وقال: "أين الحقّ"؟ وأخبره جبريل عليه السلام بما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فتقاصرت إليهم نفوسهم)، الأساس: اقتصر المطر: أقلع، وقصر في حاجته، وقصر عن منزلته، وقصر به عمله، وأقصر عن الأمر: كف عنه وهو يقدر عليه، وقصر قصورًا: عجز عنه، ولم ينله، وتعديته بـ "إلى" في الكتاب لتضمنه معنى: نظر، أي: نظروا إلى أنفسهم متقاصرين، من قوله: قصر عن منزلته، وقصر به عمله، أو من القصور: العجز.

قوله: (ما وراءكم؟ )، قيل: يعني: ما كان معكم ورميتموه خلفكم، وقيل: أي: ما في خاطركم، وما مرادكم، وقال الميداني: قال أبو عبيدٍ: سأل النابغة الذبياني عصام بن شهيرٍ حاجب النعمان- وكان النعمان مريضًا-: ما وراءك يا عصام؟ أى: ما خلفت من أمر العليل، وما أمامك من حاله؟ ووراء من الأضداد.

وقال المفضل: أول من قال ذلك الحارث بن عمرٍو ملك كندة، وذلك أنه لما بلغه جمال ابنة عوفٍ وكمالها وقوة عقلها، دعا امرأةً يقال لها: عصام، فقال: اذهبي حتى تعلمي

<<  <  ج: ص:  >  >>