للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على حسب قولهم واعتقادهم، ثم قال لهم: هلا تستغفرون الله قبل نزول العذاب؟ (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) تنبيها لهم على الخطأ فيما قالوه؛ وتجهيلا فيما اعتقدوه.

[(قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ)].

وكان الرجل يخرج مسافرا فيمر بطائر فيزجره، فإن مر سانحا تيمن، وإن مر بارحا تشاءم، فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر، استعير لما كان سببهما من قدر الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (تنبيهاً لهم على الخطأ فيما قالوه وتجهيلًا فيما اعتقدوه)، أنكر أولًا بقوله: {لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ}، قولهم: إن العقوبة إن وقعت تبنا حينئذ، ثم نبههم بقوله: لولا تستغفرون الله على خطئكم، وأن الاستغفار إنما ينفع قبل نزول العذاب، وأن ذلك الاعتقاد إنما صدر من الجهل.

قوله: (فإن مر سانحاً)، الجوهري: السنيح [والسانح]: ما ولاك ميامنه من ظبي أو طائرٍ أو غيرهما، وبرح الظبي بروحًا. إذا ولاك مياسره يمر من ميامنك إلى مياسرك، والعرب تتطير بالبارح، وتتفاءل بالسانح، لأنه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف.

قوله: (استعير لما كان سببهما من قدر الله)، أي: استعير للذي كان سبب الخير والشر، وهو قدر الله وقسمته، يعني: استعير لقدر الله وقسمته لفظ الطائر، لأن السبب في تحصيل الخير والشر حقيقة هو قدر الله، وأن السانح والبارح- كما زعموا- إن دلا على حصولهما فهما أيضًا مسببان عن تقدير الله، فأطلقوا المسبب وهو الطائر على السبب، وهو قدر الله وقسمته، وقالوا: طائر الله لا طائرك، ويجوز أن يكون أسلوب الآية والاستشهاد من باب المشاكلة لا الاستعارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>