للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقسمته: أو من عمل العبد الذي هو السبب في الرحمة والنقمة. ومنه قالوا: طائر الله لا طائرك، أي: قدر الله الغالب الذي ينسب إليه الخير والشر، لا طائرك الذي تتشاءم به وتتيمن، فلما قالوا: اطيرنا بكم، أى: تشاءمنا وكانوا قد قحطوا. (قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ) أي: سببكم الذي يجيء منه خيركم وشركم عند الله، وهو قدره وقسمته، إن شاء رزقكم وإن شاء حرمكم. ويجوز أن يريد: عملكم مكتوب عند الله، فمنه نزل بكم ما نزل. عقوبة لكم وفتنة. ومنه قوله: (طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) [يس: ١٩]، (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء: ١٣].

وقرئ: (تَطَيَّرْنَا بِكُمْ)، على الأصل. ومعنى: تطير به: تشاءم به. وتطير منه: نفر منه. (تُفْتَنُونَ) تختبرون. أو تعذبون. أو يفتنكم الشيطان بوسوسته إليكم الطيرة.

[(وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ* قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ* وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ* فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ* فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ)].

الْمَدِينَةِ: الحجر. وإنما جاز تمييز التسعة بالرهط لأنه في معنى الجماعة، فكأنه قيل:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو من عمل العبد)، عطفٌ على "من قدر الله" وهو من قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: ١٣]. فقوله: "ويجوز أن يريد: عملكم مكتوبٌ عند الله" متفرعٌ على هذا الوجه، وعند أهل السنة عملكم مكتوب عند الله ومقدرٌ من عنده.

قوله: (المدينة: الحجر)، الراغب: الحجر: ما سور بالحجارة، وبه سمي حجر الكعبة وديار ثمود.

<<  <  ج: ص:  >  >>