للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فـ (تَقَاسَمُوا) مع النون والتاء؛ يصح فيه الوجهان. ومع الياء لا يصح فيه إلا أن يكون خبرا. والتقاسم، والتقسم: كالتظاهر، والتظهر: التحالف. والبيات: مباغتة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فـ {تَقَاسَمُوا} مع النون والتاء، يصح فيه الوجهان)، أي: الأمر والخبر، يعني: تقاسموا إذا كان أمرًا فـ {لَنُبَيِّتَنَّهُ} بالنون، جوابٌ له، لأن هذه الألفاظ التي تكون من ألفاظ القسم تتلقى بما تتلقى به الأيمان، كقوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} [الأنعام: ١٠٩]، والمعنى: احلفوا لنبيتنه، وبالتاء الفوقانية: احلفوا لتبيتنه أنتم، وعلى هذا الخبر.

وأما إذا كان الخبر مع الياء، فمعناه: قالوا: لنبيتنه متقاسمين، كقولك: حلف بالله ليفعلن، بالياء التحتاني، وأما قوله: مع الياء، لا يصح فيه إلا أن يكون خبرًا، فعلل بأن الياء للغيبة، والأمر للمخاطب، ولا معنى لقوله: احلفوا لتبيتنه، وقدر بعضهم: ليقسم بعضكم بعضًا ليبيتنه.

وقال صاحب "الكشف": {تَقَاسَمُوا} [النمل: ٤٩]، يجوز أن يكون أمرًا، أمر بعضهم بعضًا بالتقاسم على التبييت.

وقال الزجاج: فمن قرأ بالتاء فكأنه قال: احلفوا لتبيتنه، كأنه أخرج نفسه من اللفظ، ويجوز أن يكون قد أدخل نفسه في التاء، لأنه إذا قال: {تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ} [النمل: ٤٩] فقد قال: تحالفوا، فلا يخرج نفسه من التحالف، ومن قرأ بالياء، فالمعنى: قالوا: لنبيتنه متقاسمين، وكان هؤلاء تحالفوا أن يبيتوا صالحًا ويقتلوه وأهله في بياتهم، ثم ينكرون عند أولياء صالح أنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله، ويحلفون أنهم لصادقون، فهذا مكرٌ عزموا عليه، قال الله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا} [النمل: ٥٠].

قوله: (والتقاسم)، مبتدأٌ، والخبر: "التحالف".

<<  <  ج: ص:  >  >>