العدو ليلا. وعن الإسكندر أنه أشير عليه بالبيات فقال: ليس من آيين الملوك استراق الظفر، وقرئ:(مَهْلِكَ) بفتح الميم واللام وكسرها من (هَلِكَ)، و (مُهْلَك) بضم الميم من أهلك. ويحتمل المصدر والزمان والمكان، فإن قلت: كيف يكونون صادقين وقد جحدوا ما فعلوا، فأتوا بالخبر على خلاف المخبر عنه؟ قلت: كأنهم اعتقدوا أنهم إذا بيتوا صالحا وبيتوا أهله؛ فجمعوا بين البياتين، ثم قالوا: ما شهدنا مهلك أهله، فذكروا أحدهما: كانوا صادقين، لأنهم فعلوا البياتين جميعا لا أحدهما وفي هذا دليل قاطع على أن الكذب قبيح عند الكفرة الذين لا يعرفون الشرع ونواهيه ولا يخطر
قال أبو البقاء:(مهلك) - بفتح اللام، وضم الميم- فيه وجهان، أحدهما: هو مصدرٌ بمعنى الإهلاك، حو: المدخل. والثاني: هو مفعولٌ، أي: لمن أهلك، أو لما أهلك منها، ويقرأ بفتحهما، وهو مصدر: هلك يهلك، ويقرأ الميم، وكسر اللام، وهو مصدرٌ أيضًا، ويجوز أن يكون زمانًا، وهو مضافٌ إلى الفاعل، أو إلى المفعول على لغة من قال: هلكته أهلكه، والموعد: زمانٌ.
وفي الحواشي: والأعرف في المصدر الفتح، والكسر قليلٌ، والكسر جاء في المكان مثل المرجع، قيل: المهلك والمرجع والميحص، والمكيل أربعةٌ لا يوجد لها خامسٌ.
قوله:(وفي هذا دليلٌ قاطعٌ على أن الكذب قبيحٌ عند الكفرة الذين لا يعرفون الشرع ونواهيه)، قال صاحب "الانتصاف": حيلته لتصحيح قاعدة التحسين والتقبيح بالعقل قريبٌ من حيلتهم التي سماها الله تعالى مكرًا، وغرضه أن يستشهد على صحة مذهبه، وأنى