للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ببالهم. ألا ترى أنهم قصدوا قتل نبي الله ولم يرضوا لأنفسهم بأن يكونوا كاذبين حتى سووا للصدق في خبرهم حيلة يتفصون بها عن الكذب. مكرهم: ما أخفوه من تدبير الفتك بصالح عليه السلام وأهله. ومكر الله: إهلاكهم من حيث لا يشعرون. شبه بمكر الماكر على سبيل الاستعارة. روي أنه كان لصالح مسجد في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتم له ذلك وهم كاذبون، فإن من فعل الأمرين، وجحد أحدهما فلا مرية في فريته، وإنما تتم الحيلة لو فعلوا أمرًا، وادعى عليهم فعل أمرين فجحدوا المجموع، فلم تختلف العلماء في أن من حلف أن لا أضرب زيدًا، فضرب زيدًا وعمرًا كان حانثًا، بخلاف من حلف أن لا أضرب زيدًا أو عمرًا، فضرب زيدًا، فهو محل خلاف العلماء في الحنث وعدمه.

وقال صاحب "التقريب": لعل المراد: ما شهدنا مهلك أهله وحده، وإلا فمن شهد البياتين فقد شهد أحدهما.

وقال القاضي: ما شهدنا مهلك أهله فضلًا أن تولينا إهلاكهم، ونحلف: {إِنَّا لَصَادِقُونَ}، أو: والحال {إِنَّا لَصَادِقُونَ} فيما ذكرنا، لأن الشاهد للشيء غير المباشر له عرفًا، أو: لأنا ما شهدنا مهلكهم وحده بل مهلكه ومهلكهم، كقولك: ما رأيت ثمة رجلًا بل رجلين.

وقلت: التقدير الأول، وهو: نحلف إنا لصادقون، كما نص عليه الزجاج، ليكون عطفًا على {مَا شَهِدْنَا} يدخل في حيز التقاسم أولى وأوجه، فلا يلزم صدقهم، ولا يحتاج إلى تلك التكلفات، وعليه قول إخوة يوصف: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} إلى قوله: {إِنَّا لَصَادِقُونَ} [يوسف: ٨٢].

قوله: (يتفصون بها)، الجوهري: يقال: تفصى الإنسان: إذا تخلص من المضيق والبلية.

قوله: (شبه بمكر الماكر على سبيل الاستعارة)، التمثيلية، شبه إهلاك الله إياهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>