للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعصية، وكأن أبا نواس بنى على مذهبهم قوله:

وبح باسم ما تأتي وذرني من الكنى … فلا خير في اللّذّات من دونها ستر

أو: تبصرون آثار العصاة قبلكم وما نزل بهم. فإن قلت: فسرت تبصرون بالعلم وبعده (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)، فكيف يكونون علماء وجهلاء؟ قلت: أراد: تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمكم بذلك. أو تجهلون العاقبة. أو أراد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وبح باسم من تهوى)، البيت، قبله:

ألا فاسقني خمرًا وقل لي هي الخمر … ولا تسقني سرًا إذا أمكن الجهر

البوح: ظهور الشيء، يقال: باح ما كتمه، أي: ظهر، وباح به صاحبه، أي: أظهره، يقال: كنى فلانٌ عن أمرٍ يعني: إذا تكلم بغيره مما يستدل به عليه، كما أن الله سبحانه وتعالى كنى عن الجماع بالمس والغشيان، لأنه حييٌ كريمٌ.

قوله: (أراد: تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشةٌ مع علمكم بذلك)، هذا الجواب غير مرضي تأباه كلمة الإضراب، بل إنه تعالى لما أنكر عليهم فعلهم على الإجمال، وسماه فاحشةً، وقيده بالحال المقررة لجهة الإشكال تتميمًا للإنكار بقوله: {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} أراد مزيد ذلك التوبيخ والإنكار، فكشف عن حقيقة تلك الفاحشة مفصلًا، وصرح بذكر الرجال محلى بلام الجنس، مشيرًا به إلى أن الرجولية منافيةٌ لهذه الحالة، وقيده بالشهوة التي هي أخس أحوال البهيمية.

وقد تقرر عند ذوي البصائر أن إتيان النساء لمجرد الشهوة مسترذلٌ، فكيف بالرجال! وضم إليه "من دون النساء"، وأذن له بأن ذلك ظلمٌ فاحشٌ، ووضعٌ للشيء في غير

<<  <  ج: ص:  >  >>