للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معلوم أن لا خير فيما أشركوه أصلاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (معلومٌ أن لا خير فيما أشركوه) إلى آخره، كالتعليل للخير، والنفي منصبٌ على العلة والمعلول معًا، أي: ليس فيه خيرٌ لكي يوازن به بينه وبين الله، نحوه قوله تعالى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إلى قوله: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} [الحجرات: ٢]، وفيه إشارةٌ إلى أن ذلك واردٌ على سبيل الاستدراج، وإرخاء العنان ليعتبروا حيث يراد تبكيتهم.

الانتصاف: كلامٌ مرضيٌ، ولكن وضع مكان {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}: "خالق كل خيرٍ" فإنه مذهبٌ قدريٌ.

وقال الراغب في "غرة التنزيل": قوله: {آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} بنيت عليه الآيات التالية من قوله: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} إلى قوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، وتكلم أهل النظر في قولك: هذا أفضل من هذا، وهذا خيرٌ من هذا، فقال بعضهم: يقال للخير الذي لا شر فيه، والشر الذي لا خير فيه بالتأول، لأن الأصل في باب: "أفعل من كذا" التفضيل، فمعنى الآية: أنهم مشغولون بعبادة الأوثان عن عبادة الرحمن، وفعلهم ينبئ عن أنها تنفعهم فوق ما ينفعهم خالقهم، فكأنهم قالوا: إن تلك أنفع لهم منه تبارك وتعالى، فقررهم أولًا بقوله: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}، أي: إذا عرفتم بأن الله تعالى سن لكم المصالح، ويسر لكم المنافع، وأ، زل لكم المطر من فوق، فأنبت ما به قوام الناس من تحت، آلله أنفع لكم أم الأوثان، فوضع موضعه قوله: {أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}، أي: احتاج من يفعل هذا إلى عضدٍ ومعينٍ؟ ! بل الكفار قومٌ يعدلون عن الحق، وقيل: يعدلون بمن يفعل هذا غيره، تعالى الله عن ذلك، فهذا موضع {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}، لأن أول الذنوب العدول عن الحق ورده.

<<  <  ج: ص:  >  >>